«يا بُنَيَّ صاحِبِ العُلَماءَ ، وأَقرِبْ مِنْهُم ، وَجالِسهُم وَزُرهُم فِي بِيُوتِهِم ، فَلَعَلَّكَ تَشْبَهُهُم فَتَكُونَ مَعَهُم» (١).
وعلى كلّ حال ، فإنّ الرّوايات الشّريفة ، مليئة بمثل هذه النصائح ، في دائرة الإهتمام بالرّفقة وأثر الصّديق في أخلاق وسلوك الإنسان ، ولو جُمعت في إطارٍ واحدٍ لأمكن تأليف بحثٍ شاملٍ كاملٍ في هذا المضمار.
ونختم الكلام بحديث عن الإمام علي عليهالسلام ، في وصاياه لإبنه الحسن الُمجتبى عليهالسلام :
«قارِنْ أَهْلَ الخَيرِ ، تَكُن مِنْهُم ، وبايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ مِنْهُم» (٢).
تأثير العِشرة في التحليلات المنطقيِّة :
يقولون : إنّ أحسن وأفضل دليلٍ لإمكان الشيء ، هو وقوعه ، وفي موضوع بحثنا ، فإنّ رؤية نماذج عينيّة من مُعاشرة بعض الأفراد للأراذل ، وكيف أنّها أصبحت مصدراً لأنواع المفاسد والإنحرافات الخُلقيّة لهم ، وبالعكس ، فإنّ مُصاحبة الأخيار ، ساهمت لدى البعض ، على تطهير أنفسهم ، من شوائب الرّذيلة والزّيغ ، وهذه الموارد هي خير دليلٍ على بحثنا هذا.
فالتشبيه القديم القائل : إنّ الأخلاق القبيحة ، مثل الأمراض السّارِيَة ، تنتشر بين الأصدقاء والأقارب بسرعةٍ فائقةٍ ، هو تشبيهٌ صحيحٌ ، خصوصاً في الموارد التي يكون فيها الشخص ، حَدث السّن أو ضعيف الإعتقاد والإيمان ، وتكون نفسه مستعدّةً لقبول أخلاق الآخرين ، فالمُعاشرة لمثل هؤلاء الأفراد ، مع أصدقاء السّوء ، تكون بمثابة سهمٍ مُهلكٍ وقاتلٍ في دائرةِ الإيمان ، وعناصر الخَير في الشّخصية ، وقد شاهدنا الكثير من الأفراد والأشخاص من الطيّبين ، الذين تغيّروا بالكامل بسبب معاشرتهم لرفقاء السوء ، وتحوّل مجرى حياتهم من أجواء الخير إلى أجواء الشّر ، وهُناك إثباتاتٌ وأدلّةٌ مختلفةٌ من تقرير هذه الحالةٌ في واقع الإنسان من النّاحية النّفسية والرّوحية :
__________________
١ ـ بحارالأنوار ، ج ٧١ ، ص ١٨٩.
٢ ـ نهج البلاغة ، وصيّة الإمام علي عليهالسلام للإمام الحسن عليهالسلام (رسالة ٣١).