طريق التّشريع ، والمراد من التّكوين هو الصفات والسّجايا المزاجيّة والأخلاقيّة المتوفرة في الكروموسومات والجينات ، والّتي تنتقل لا إرادياً للطفل في عمليّة الوراثة.
والطريق التشريعي يتمثل في إرشاد الأبناء ، من خلال أساليب التّعليم والتّربية للصفات الأخلاقيّة ، التي يكتسبها الطفل من الأبوين بوعي وشعور.
ومن المعلوم أنّ أيّاً من هذين الطّريقين ، لا يكون على مستوى الإجبار ، بل كلّ منهما يُهيّىء الأرضيّة لنمو ورشد الأخلاق في واقع الإنسان ، ورأينا في كثيرٍ من الحالات أفراداً صالحين وطاهرين ، لأنّ بيئتهم كانت طاهرةً وسليمةً ، والعكس صحيح أيضاً. ولا شك من وجود إستثناءات في الحالتين تبيّن أنّ تأثير هذين العاملين ، وهي : «التربية والوراثة» ، لا يكون تأثيراً على مستوى جَبر ، بل يخضع لأدوات التّغيير وعنصر الإختيار.
ونعود بعد هذه الإشارة إلى أجواء القرآن الكريم ، لنستوحي من آياته الكريمة ما يرشدنا إلى الحقيقة :
١ ـ «إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً» (١).
٢ ـ (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا)(٢).
٣ ـ (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٣).
٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ)(٤).
٥ ـ (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا)(٥)
تفسير واستنتاج :
«الآية الاولى» : تتحدث عن نوح ودعائه على قومه بالهلاك ، حيث إستدلّ على ذلك
__________________
١ ـ سورة نوح ، الآية ٢٧.
٢ ـ سورة آل عمران ، الآية ٣٧.
٣ ـ سورة آل عمران ، الآية ٣٣ و ٣٤.
٤ ـ سورة التحريم ، الآية ٦.
٥ ـ سورة مريم ، الآية ٢٨.