فنقرأ في حديثٍ عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّه عند ما نزلت هذه الآية الشّريفة ، سأله أحد أصحابه ، عن كيفيّة الوقاية من النار ، له ولعياله ، فقال له الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله :
«تَأمُرُهُم بِما أَمَرَ اللهُ وَتَنهاهُم عَمّا نَهاهُم اللهُ إنْ أَطاعُوكَ كنْتَ قَدْ وَقَيتَهُم وَإِنْ عَصَوكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيتَ ما عَلَيكَ» (١).
ويجب أن يكون معلوماً ، أنّ الأمر بالمعروف يعدّ من الوسائل الناجعة لوقاية الاسرة من الإنحراف والسّقوط في هاوية الجحيم ، ولأجل الوصول إلى هذا الهدف ، علينا الإستعانة بكلّ الوسائل المتاحة لدينا ، وكذلك الإستعانة بالجوانب العملية والنفسية والكلامية ، ولا يُستبعد شمول الآية لمسألة الوارثة ، فمثلاً أكل لقمة الحلال عند إنعقاد النّطفة وذكر الله ، يُؤثر إيجابياً في تكوين النّطفة ، وتنشئة الطّفل وحركته في المستقبل في خطّ الإيمان.
«الآية الخامسة والأخيرة» : تشير إلى قصّة مريم عليهاالسلام وولادتها للمسيح عليهالسلام ، الذي وُلد من دون أب ، وتعجّب قومها من ذلك الأمر الفظيع بنظرهم! ، فقال الباري تعالى على لسان قومها : (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا).
فهذا التعبير ، (وخصوصاً نقل القرآن الكريم من موقع الإمضاء والتأييد) ، إن دل على شيء فهو يدلّ على معطيات عوامل الوراثة من الأب والام ، وكذلك تربية الاسرة وتأثيرها في أخلاق الطفل ، وكلّ الناس لمسوا هذه الأمر بالتجربة ، فإذا شاهدوا أمراً مُخالفاً للمعهود ، إستغربوا وتعجّبوا.
ومن مجموع ما تقدم ، يمكننا أن نستوحي هذه الحقيقة ، وهي أنّ الوراثة والتربية ، من العوامل المهمّة ، في رسم وغرس القيم الأخلاقيّة في حركة الواقع النفسي للإنسان ، إن على مستوى الأخلاق الحسنة أو السيئة.
__________________
١ ـ نور الثقلين : (ج ٥ ، ص ٣٧٢).