فيقول عليهالسلام : «خَيرُ ما وَرَّثَ الآباءُ الأَبناءَ الأَدَبَ» (١).
١٠ ـ ونختم هذا البحث بحديثٍ آخر عن الإمام على عليهالسلام ، حيث بيّن الإمام عليهالسلام ، شخصيته للجهّال الذين يقيسونه بغيره ، فقال :
«وَقَدْ عَلِمْتُم مَوضِعي مِنْ رَسُولِ اللهِ بِالقَرابَةِ القَريبَةِ وَالمَنزِلَةِ الخَصِيَّةِ ، وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنا وَلِيدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدرِهِ ... يَرفَعُ لِي كُلَّ يَومٍ عَلَماً مِنْ أَخلاقِهِ وَيَأَمُرُنِي بِالإِقتِداءِ ..».
واللطيف في الأمر ، أنّ الإمام عليهالسلام وفي أثناء حديثه ، بيّن قسماً من أخلاق الرّسول صلىاللهعليهوآله ، فقال :
«وَلَقَدْ قَرَنَ اللهُ بِهِ صلىاللهعليهوآله مِن لَدُنْ أَن كانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مَنْ مَلائِكَتِهِ يَسلُكُ بِهِ طَرِيقَ المَكارِمِ وَمَحَاسِنَ أَخلاقِ العالَمِ لَيلَهُ ونَهارَهُ» (٢).
وصحيح أنّ الصفات النفسية والأخلاقيّة ، سواء كانت سيئة أم حسنة ، فهي تنبع من باطن الإنسان وإرادته ، ولكن لا يمكن إنكار معطيات البيئة وأجواء المحيط ، في تكوين وترشيد الأخلاق الحسنة والسّيئة ، وكذلك عنصر الوراثة من الوالدين والاسرة بصورة أعم ، وتوجد شواهد عينيّة كثيرة ، وأدلة قطعيّة على ذلك ، ترفع الشّك والترديد في المسألة.
وبناءً على ذلك ، ولأجل بناء مجتمعٍ صالحٍ وأفرادٍ سالمين ، علينا الإهتمام بتربية الطّفل تربيةً سليمةً ، والإنتباه لعوامل الوراثة وأخذها بنظر الإعتبار ، في واقع الحياة الفرديّة والإجتماعيّة.
٤ ـ معطيّات العلم والمعرفة في التربية
ومن العوامل الاخرى ، في عمليّة تهذيب الأخلاق وترشيدها ، هو الصعود بالمستوى
__________________
١ ـ غُرر الحِكم.
٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ ، (الخطبة القاصعة).