وبناءً على ذلك ، فإنّ النّجاة من الضّلال المبين ، والطّهارة من الأخلاق الرّذيلة والذنوب ، تأتي بعد تلاوة الكتاب المجيد ، وتعليم الكتاب والحكمة ، وهو دليلٌ واضحٌ على وجود العلاقة والإرتباط بين الإثنين.
وقد أوردنا في الجزء الأوّل من الدّورة الاولى من نفحات القرآن الكريم ، شواهد حيّةً وكثيرةً من الآيات القرآنية ، حول علاقة العِلم والمعرفة بالفضائل الأخلاقيّة ، وكذلك علاقة الجهل بالرذائل الأخلاقيّة ، ونشير هنا بشكل مختصرٌ إلى عشرة نماذج منها :
١ ـ الجهل مصدرٌ للفساد والإنحراف
نقرأ في الآية (٥٥) من سورة الّنمل :
(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ).
فقرن هنا الجهل ، بالإنحراف الجنسي والفساد الأخلاقي.
٢ ـ الجهل سبب للإنفلات والتّحلل الجنسي
ورد في الآية (٣٣) من سورة يوسف على لسان يوسف عليهالسلام ، في أنّ الجهل قرينٌ للتحلل الجنسي ، فقال تعالى : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ).
٣ ـ الجهل أحد عوامل الحسد
ورد في الآية (٨٩) من سورة يوسف عليهالسلام ، أنّه عند ما جلس يوسف عليهالسلام على عرش مصر ، وتحدّث مع إخوانه الذين جاءوا من كنعان إلى مصر ، لإستلام الحنطة منه ، فقال :
(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ).
أي أنّ جهلكم هو السبب في وقوعكم في أسر الحسد ، الذي دفعكم إلى تعذيبه ، والسّعي لقتله ، والقائه في البئر.