كيفيّة تأثير «العمل» ، في «الأخلاق» في الرّوايات الإسلاميّة :
تعكس الأحاديث الإسلامية بوضوح ، ما تقدّم من علاقة العمل بالأخلاق في الآيات الكريمة ، ذلك المطلب بوضوح ، ومن تلك الأحاديث :
١ ـ نقرأ في حديث عن الإمام الصّادق عليهالسلام أنّه قال :
«ما مِنْ عَبْدٍ إلّا وَفِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيضاءٌ فَإذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجَ في النُّكْتَةِ نِكْتَةٌ سَوداءٌ فَإنْ تابَ ذَهَبَ ذَلِكَ السَّوادُ ، وإنْ تَمادَى فِي الذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السَّوادُ حتَّى يُغَطِّي البَياضَ ، فَإذَا غَطّى البَياضَ لَمْ يَرْجِعْ صاحِبُهُ إلَى خَيرٍ أَبَداً ، وَهُوَ قَولُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : «بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» (١).
فهذه الرواية ، تُبيّن بوضوح ، أنّ تراكم الذّنوب يُفضي إلى ظهور الرذائل في سلوكيات الإنسان ، ويدفعه بإتجاه الإبتعاد عن الفضائل ، ممّا يورّث النّفس الإنسانيّة الغرق في الظّلام الكامل ، وعندها لا يجد الإنسان فرصةً للرجوع إلى طريق الخير ، والانفتاح على الله والإيمان.
٢ ـ الوصيّة المعروفة عن أمير المؤمنين عليهالسلام لابنه الحسن عليهالسلام ، حيث قال له : «إنَّ الخَيرَ عادَةٌ» (٢).
وورد نفس هذا المضمون ، في كنز العمّال ، في حديثٍ عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : «الخَيرُ عادَةٌ والشَّرُ لَجاجَةٌ» (٣).
وأيضاً نقل نفس هذا الحديث ، وبشكل آخر ، عن الإمام السجّاد عليهالسلام ، أنّه قال :
«أُحِبُّ لِمَنْ عَوَّدَ مِنْكُمْ نَفْسَهُ عادَةً مِنَ الخَيرِ أَنْ يَدُومَ عَلَيها» (٤).
فيستفاد من هذه الروايات ، أنّ تكرار العمل ، سواء كان صالحاً أم طالحاً ، يسبّب في وجود حالة الخير أو الشر عند الإنسان ، فإذا كان خيراً فسيشكل مباديء الخير في نفسه ، وإن كان شرّاً فكذلك ، وبكلمةٍ واحدةٍ هو التأثير المتقابل للأعمال ، والأخلاق في حركة الحياة ، و
__________________
١ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٢٧٣ ، ح ٢٠.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ٢٣٢.
٣ ـ كنز العمّال ، ح ٢٨٧٢٢.
٤ ـ بحار الأنوار ، ج ٤٦ ، ص ٩٩.