الذّنب بظهور الحالات الباطنيّة القبيحة (١).
وورد في المناجاة : الخمسة عشر ، المعروفة للإمام السجاد عليهالسلام ، في القسم الأول منها ، وهي مناجاة التّائبين :
«وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمَ جِنايَتِي فأَحْيهِ بِتَوبَةٍ مِنْكَ يا أَمَلِي وَبُغْيتَي» (٢).
نعم! فإنّ الذّنب يكدّر القلب ويلوث النفس الإنسانية ، وبتكرار الذنب فإنّ القلب يذبل ويموت ، ولكنّ التوبة بإمكانها ، أن تعيد النّشاط والحياة للقلوب ، لتعيش جو الإيمان والطُّهر.
وبناءً عليه ، فإنّه يتوجب على السائرين إلى الله تعالى ، تحكيم دعائم الفضائل الأخلاقيّة ، في وجدانهم وسلوكياتهم ، ولينتبهوا لمعطيّات وتبعات أعمالهم الإيجابيّة والسّلبية ، فكلّ واحدٍ من تلك الأعمال سيؤثر في القلب ، فإنّ كان خيراً فخَير ، وإن كان شَرّاً فشرّ.
٧ ـ علاقة «الأخلاق» و «التّغذية»
ربّما سيتعجب البعض من هذا العنوان ، وما هي علاقة الأخلاق والروحيّات والملكات النّفسية بالغذاء ، فالأولى للرّوح والثّانية للجسم ، ولكن بالنّظر للعلاقة الوثيقة ، بين الجسم والروح في حركة الحياة والواقع ، فلن يبقى مجالاً للتعجب ، فكثيراً ما تسبّب الأزمات الرّوحية في الإصابة بأمراضٍ جسديّةٍ ، تضعف جسم الإنسان وتشل عناصر القوّة فيه ، فيبيض الشّعر ، وتظلم العين ، وتخور القوى عند الإنسان والعكس صحيح أيضاً ، فإنّ الفرح وحالات الرّاحة التي يمرّ بها الإنسان ، تنمي جسمه وتقوّي فكره ، وقديماً توجّه العلماء لتأثير الغذاء على روحيّة الإنسان وسلوكه المعنوي ، وتغلغَلت هذه المسألة في ثقافات الناس ، على مستوى الموروث الفكري والوعي الاجتماعي ، فمثلاً شِرب الدّم يبعث على قساوة القلب ، والعقيدة السّائدة هي أنّ العقل السّليم في الجسم السّليم.
ولدينا آياتٌ وروايات تشير إلى هذا المعنى ، ومنها الآية (٤١) من سورة المائدة ، فقد
__________________
١ ـ بحار الانوار ، ج ٩٦ ، ص ١٢١ ، وج ٩١ ، ص ١٣٢.
٢ ـ المصدر السابق ، ج ٩١ ، ص ١٤٢.