المؤمنين عليهالسلام ، أنّه قال : «العَسَلُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ داءٍ وَلا داءَ فِيهِ يُقِلُّ البَلْغِمَ وَيُجَلِّي القَلْبَ» (١).
النّتيجة :
تبيّن ممّا ذكر آنفاً ، العلاقة الوثيقة بين الغذاء والروحيّات والأخلاق ، ونحن لا ندّعي أبداً أنّ الأكل والغذاء هو العلّة التّامة لبلورة الأخلاق ، ولكنّه يمثل عاملاً مُساعداً في ذلك ، بحلاله وحَرامه ، وأنواعه.
ويقول علماء العصر الحاضر ، أنّ السّلوكيات الأخلاقية عند الإنسان ، تنطلق من خلال ترشّح بعض الهرمونات من الغدد الموجودة في جسم الإنسان ، والغُدد بدورها ، تتأثر مباشرةً بما يأكله الإنسان ، وعلى هذا الأساس ، فإنّ لحومَ ، الحيوانات تحمل نفس الصّفات النفسيّة الموجودة في الحيوان ، فالضّواري تفعّل فِعْلَ عناصر التّوحش في الإنسان ، والخنزير يذهب بالغيرة عند الإنسان ، وهكذا فإنّ لحم أيّ حيوان ، يخلف بصماته على روح آكله مباشرةً ، وينقل إليه صفاته.
هذا من الناحية الماديّة الطبيعيّة ، وأمّا من الناحيّة المعنويّة ، فإنّ أكل الحرام يُظلم الروح والقلب ، ويُضعف الفضائل الأخلاقيّة كما تقدم.
وأخيراً نختم هذا البحث ، بنقل قصّةٍ تاريخيةٍ نقلها المسعودي في مروجه ، فقال :
نقل عن الفضل بن الرّبيع أنّ «شريك بن عبد الله» ، دخل يوماً على «المهدي» ، الخليفة العبّاسي في وقتها فقال له المهدي العباسي : «أي شريك» ، أعرض عليك ثلاثة امور ، عليك أن تختار إحداها ، فقال ما هي؟ ، فقال له : إمّا أن تقبل منصب القضاء ، أو أن تعلّم إبني ، أو تأكل معنا على مائدتنا ، ففكّر شريك قليلاً ، وقال إنّ الأخيرة أسهلها ، فحجزه المهدي ، وقال لطبّاخه ، حضّر له أنواعاً من أطباق أمخاخ الحيوانات ، المخلوطة بالسّكر والعسل.
فعند ما أكلَ شريك من ذلك الطعام اللّذيذ ، «وطبعاً الحرام» ، قال الطبّاخ للمهدي ، إنّ هذا الشّيخ لن يُفلح أبداً بعد هذا الطّعام ، فقال الرّبيع : وفعلاً قد صدقت نبوءة الطبّاخ ، فإنّ شريك
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٣ ، ص ٣٩٤.