من سورة التّحريم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
إنّ كلّ الأنبياء عند ما يتقلدّون أعباء الرّسالة ، فأوّل شيء يدعون إليه هو التّوبة ، لأنّه بدون التّوبة وتنقية القلب ، لا يوجد مكان للتّوحيد والفضائل في أجواء النّفس وواقع الإنسان.
فالنّبي هود عليهالسلام ، أوّل ما دعى قومه : إلى التّوبة والإستغفار ، فقال تعالى : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ)(١)
وكذلك النّبي صالح عليهالسلام ، جعل التّوبة أساساً لعمله ودعوته ، فقال تعالى : (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ)(٢).
ثم النّبيّ شعيب عليهالسلام ، الذي تحرك في دعوته من هذا المنطلق ، فقال تعالى : (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ)(٣).
ودعمت الروايات ذلك الأمر ، وأكّدت على وجوب التّوبة الفوريّة ، ومنها :
١ ـ وصية الإمام علي عليهالسلام لإبنه الإمام الحسن عليهالسلام :
«وَإِنْ قَارَفْتَ سَيِّئَةً فَعَجِّلْ مَحوَها بِالتَّوبَةِ» (٤).
طبعاً حاشا للإمام أن يقترف الذّنوب ، ولكن قصد الإمام علي عليهالسلام هنا ، تنبيه الآخرين إلى هذا المعنى.
٢ ـ قال الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، لإبن مسعود :
«يا بنَ مَسْعُودَ لا تُقَدِّمِ الذَّنْبَ وَلا تُؤَخِرِ التَّوبَةَ ، وَلَكِنْ قَدِّمِ التَّوبَةَ وَأَخِّرِ الذَّنْبَ» (٥).
٣ ـ وفي حديثٍ آخر ، قال الإمام علي عليهالسلام : «مُسَوِّفُ نَفْسِهِ بِالتَّوبَةِ مِنْ هُجُومِ الأَجَلَ عَلَى أعْظَمِ الخَطَرِ». (٦)
__________________
١ ـ سورة هود ، الآية ٥٢.
٢ ـ سورة هود ، الآية ٦١.
٣ ـ سورة هود ، الآية ٩٠.
٤ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ٢٠٨.
٥ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ١٠٤.
٦ ـ مستدرك الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٣٠.