٤ ـ وقال الإمام الرضا عليهالسلام نقلاً عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله :
«لَيسَ شَيءٌ أَحَبُّ إلَى اللهِ مِنْ مُؤمِنٍ تائِبٍ أو مُؤمِنَةٍ تائِبَةٍ» (١).
ويمكن أن يكون هذا الحديث دليلاً على وجوب التّوبة ، لأنّها أحبّ الأشياء إلى الله تعالى في دائرة السّلوك البشري.
مضافاً إلى ذلك ، هناك دليلٌ عقلي على وجوب التّوبة ، وهو أنّ العقل يحكم ، بوجوب دفع الضّرر المحتمل أو المتيقن ، وتحضير وسائل للنجاة من العذاب الإلهي ، وبما أنّ التّوبة هي أفضل وسيلةٍ للنجاة من العذاب ، فلذلك يحكم العقل السليم بوجوبها ، فالعاصين أنّى لهم الخلاص ، من العذاب الدّنيوي والاخروي ، ولمّا يتوبوا بعد؟!
نعم ، فإنّ التّوبة واجبةٌ ، بدليل القرآن والرّوايات والعقل ، إضافةً إلى قبول المسلمين لها أجمع ، وبناءً عليه فإنّ الأدلّة الأربعة تحكم بوجوب التّوبة ، ووجوبها فوري ، وقد تطرق علم الاصول لهذا الأمر ، على أساس أنّ الأوامر كلّها ظاهرةٌ في الوجوب ما لم يثبت العكس.
٣ ـ عموميّة التوبة
لا تختص التّوبة بذنبٍ من الذنوب ، أو شخص من الأشخاص ، ولا تتحدّد بزمانٍ ولا مكانٍ ولا عمرٍ محدد.
وعليه فإنّ التّوبة تشمل جميع الذّنوب وتستوعب كلّ فردٍ في أي مكانٍ أو زمانٍ كان ، وإذا ما إحتوت على كلّ الشّروط ، فستُقبل من قبل الباري تعالى ، والاستثناء الوحيد الذي لا تُقبل فيه التّوبة ، والذي أشار إلى القرآن الكريم ، هو : التّوبة عند حضور الموت ، أو نزول العذاب الإلهي ، (كما تاب فرعون في آخر لَحَظات عمره) ، فعندها لن تُقبل توبته ، لأنّ التّوبة عندها ليست توبةً حقيقيّةً ، ولا هي صادرةٌ من الشّخص من موقع الإختيار ، فيقول الباري تعالى :
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ
__________________
١ ـ مستدرك الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٢٥.