٢ ـ الآية (٨٩) من سورة آل عمران ، وبعد إشارتها لمسألة الإرتداد وعقابها ، يقول تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
٣ ـ الآية (١٤٦) من سورة النساء ، وبعد إشارتها للمنافقين ، وعاقبة أمرهم السّيئة ، تذكر : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ).
٤ ـ وفي الآية (٥) من سورة النّور ، وبعد ذكرها للعقوبة الشّديدة المترتبّة على القَذَف ، في الدنيا والآخرة ، ذكرت : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
٥ ـ وبالتالي نرى عنصر التّوبة ، بمثابة قانون كلّي يستوعب في نطاقه جميع الذّنوب ، فقال تعالى في الآية (١١٩) من سورة النحل : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
٦ ـ ورد شبيه لهذا المعنى ، في الآية (٨٢) من سورة طه : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى).
وأشارت الآية الكريمة هنا ، بالإضافة إلى رُكني التّوبة الأساسييّن ، وهما : العودة إلى الله ، والعمل الصالح ، وجُبران الماضي ، ذكرت مسألة الإيمان والهداية.
والحقيقة أنّ الذنوب تقلل نور الإيمان في قلب الإنسان ، وتحرفه عن الطّريق ، وعليه فإنّه بالتّوبة يجدّد إيمانه وهدايته ، في نطاق إصلاح الباطن.
٧ ـ وورد في سورة الأنعام ، الآية (٤٥) ، معنى مشابه أيضاً : (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وممّا ذكر من الآيات الآنفة ، تتضح لنا مسألة التّوبة بصورةٍ كاملةٍ ، فالتّوبة الحقيقيّةُ ليست بلفظ الإستغفار وحده ، والنّدم على ما مضى ، والإقلاع عنه في المستقبل ، بل تتعدّى إلى دائرة الإنفتاح على العمل ، لإصلاح كلّ التّقصيرات والمفاسد الّتي صدرت منه في السّالف ، ومحو آثارها من نفسه وروحه ومن المجتمع ، لتحصيل الطّهارة الكاملة في واقع الإنسان والحياة ، وطبعاً بالقدر الممكن.
فهذه هي التّوبة الحقيقيّة ، وليس الإستغفار وحده!.