ونقل نفس هذا المعنى في وروايةٍ اخرى ، عن كميل بن زياد عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : يا أمِيرَ المؤمنين العَبْدُ يُصِيبُ الذَّنْبَ فَيَسْتَغْفِرُ اللهَ مَنْهُ فَما حَدُّ الإستِغْفَارِ؟.
فقال الإمام عليهالسلام : «يا ابْنَ زِيادٍ التَّوبَةُ».
قلت : بَسْ.
قال عليهالسلام : «لا».
قلت : فَكَيفَ؟
قال عليهالسلام : «إنَّ العَبْدَ إِذا أَصابَ ذَنْبَاً يَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللهَ بِالتَّحْرِيكِ».
قلت : وَما التَّحْرِيكُ؟.
قال عليهالسلام : «الشَّفَتَانِ وَاللِّسانِ يُرِيدُ أَنْ يَتْبِعَ ذَلِكَ بِالحَقِيقَةِ».
قلت : وَما الحَقِيقَة؟.
قال عليهالسلام : «تَصْدِيق فِي القَلْبِ وَإِضْمارُ أَنْ لا يَعُودَ إلَى الذَّنْبِ الَّذِي اسْتَغْفَرَ مِنْهُ».
فقلت : «فإذا فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنَ المُسْتَغْفِرينَ».
قال عليهالسلام : «لا».
فقال كميل رحمهالله ، قلت : فَكَيفَ ذاكَ.
فقال الإمام عليهالسلام : «لِأَنَّكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَى الأَصْلِ بَعْدَهُ».
فقال كميل رحمهالله : فَأَصْلِ الإِسْتِغْفارِ ما هُوَ؟.
فقال الإمام عليهالسلام : «الرُّجُوعُ إِلَى التَّوبَةِ مِنَ الذَّنْبِ الَّذي إِسْتَغْفَرْتَ مِنْهُ وَهِيَ أَوَّلُ دَرَجَةِ العابِدِينَ».
ثم قال الإمام عليهالسلام : «وَتَركُ الذَّنْبِ والاستِغفارِ اسمٌ وَاقِعٌ لِمعانٍ سِتّ».
ثم ذكر نفس المراحل السّتة ، المذكورة في قصار الكلمات لنهج البلاغة ، مع قليلٍ من الاختلاف (١).
ويمكن أن يقال : إنّ التّوبة إذا كانت كما ذكرها أمير المؤمنين عليهالسلام ، فلن يوجد تائب حقيقي أبداً.
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٧.