ولكن يجب الّتنبّهُ إلى أنّ بعض الشروط السّتة ، هي في الحقيقة من كمال التّوبة ، كما في الشّرط الخامس والسّادس ، أمّا الشّروط الأربعة الاخرى ، فهي من الشّروط الواجبة واللّازمة ، أو كما يقول بعض المحقّقين : إنّ القسم الأول ، والثّاني من أركان التّوبة ، والثّالث والرابع هما من الشروط اللّازمة ، والخامس والسّادس من شروط الكمال (١).
وجاء في حديثٍ آخر عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : «أمّا عَلامَةُ التَّائِبِ فَأَرْبَعَةٌ : النّصِيحةُ للهِ فِي عَمَلِهِ وَتَركُ الباطِلِ وَلُزُومِ الحَقِّ وَالحِرصُ عَلَى الخَيْرِ» (٢).
ويجب الإنتباه ، أنّ الذّنب إذا تسبّب في إضلال الآخرين ، مثل الدّعاية المضلّة ، والبِدعة في الدّين ، سواء كان عن طريق البيان ، أو عن طريق الكتابة ، فيجب عليه إرشاد الضّالين بالقدر الّذي يستطيع ، وإلّا فلن تُقبل توبته.
ومنه يتّضح صعوبة سلوك طريق التوبة ، بالنّسبة إلى المحرّفين للآيات الإلهيّة ، والمُبتَدِعين في دين الله تعالى ، والذين يتحرّكون على مستوى إضلال الناس ، وسوقهم إلى الإنحراف.
فليس من الصحيح ، أن يُضلّ شخصٌ عدداً غفيراً من النّاس ، في الملأ العام ، أو بكتاباته ومقالاته ، ثمّ يجلس في زاوية البيت ، ويستغفر الله تعالى ليعفو عنه ، فمثل هذه التّوبة ، لن تُقبلَ أبداً.
وكذلك الذي يهتك حرمة أحد الأشخاص أمام الملأ ، ثم يستحلّ منه على إنفراد ، أو يتوب في خَلوته ، فلن تُقبل مثل هذه التّوبة ، ما لم يرد إعتبار ذلك الشخص ، أمام الملأ العام.
وبناءً على هذا ، فإنّنا نقرأ في الرّوايات عن أشخاصٍ هَتكوا حُرمة الغير ، واجري عليهم الحَد ، فإنّ توبتهم لن تقبل ، إلّا إذا رجعوا عن غيّهم وكلامهم.
وقد ورد في حديث مُعتبر ، عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال الرّاوي : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المحدود إذا تاب ، أتقبل شهادته؟ ، فقال :
«إذا تابَ وَتَوبَتُهُ أَنْ يَرْجَعَ مِمّا قالَ وَيُكِذِّبَ نَفْسَهُ عِنْدَ الإِمامِ وَعِنْدَ المُسْلِمِينَ ، فإذا فَعَلَ
__________________
١ ـ كتاب «گفتار معنوي» ، للمرحوم الشهيد مطهري ، ص ١٣٩.
٢ ـ تُحف العقول ، ص ٣٢.