(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ)(١).
ورغم أنّ بعض الآيات ، تناولت بعض العقوبات الدنيويّة ، والعفو عنها بالتّوبة ، لكنّ الحقيقة أنّه لا يوجد فرق من هذا اللحاظ ، فإذا ما غفرت في الدنيا فستغفر في الآخرة قطعاً.
والخُلاصة : أنّه لا يوجد مانعٌ من التّفكيك والتّفريق ، بين الذّنوب من جهاتها الَمختلفة ، مثل : (الفرق في ميزان المعلومات ، الدّوافع ، وقُبح الذّنوب) ، ولكنّ التّوبة الكّاملة الشّاملة ، هي التّوبة التي تستوعب جميع الذنوب ، بدون التّفريق بينها في خطّ العودة إلى الله تعالى.
٧ ـ دوام التّوبة
التّوبة يجب أن تكون مستمرةً ودائمةً ، هذا من جهةٍ ، فعند ما يُخطيء الإنسان إثر وساوسه النّفسية «النّفس الأمّارة» ، عليه أن يُقدِم على التّوبة لتدخل في مرحلة : «النّفس اللّوامة» ، وبعدها تصل إلى مرحلة : «النّفس المطمئنة» ، لتقلع جذور الوَساوس من أساسها.
ومن جهةٍ اخرى : وبعد توبته من الذنب ، عليه أن يُراقب نفسه بإستمرار ، وليحذر من نقض العهد مع الباري تعالى ، في المستقبل أو بعبارة اخرى : إذا وجد في نفسه بقايا لِلميل إلى الذّنب ، والرّغبة في الإثم ، عليه أن يُجاهد نفسه ، ويتحرك في مجال تهذيبها من هذه الشّوائب ، ليكونَ في صفّ التّائبين والُمجاهدين.
بعضَ علماء الأخلاق ، تطرّقوا لبحوثٍ لا طائل لها ، وهوَ هلْ : مقام التائب ومجاهدته وممارسته لعناصر الذّنوب في الخارج أفضل ، أم التّائب الذي يقلع جذور الذّنب من قلبه (٢)؟
وليس من المُهم الأفضليّة ، بل المُهم هو العمل على تكريس حالة الإنضباط ، في جو المسؤوليّة وعدم العودة لممارسة الذّنب ، ولرعاية هذا الأمر يتوجب اتّباع امور ، منها :
١ ـ الابتعاد عن أجواء الذّنب ، وعدم مُجالسة أهل المعاصي ، لأنّ التّائب يكون في البداية ضعيف القلب جداً ، كالمريض في بدايةُ شفائه من مرضه ، فأدنى شيء ، بإمكانه أن يثير في نفسه
__________________
١ ـ سورة الفرقان ، الآية ٧٠.
٢ ـ راجع المحجّة البيضاء ، ج ٧ ، ص ٧٥.