وقد سُئل أحد العُلماء ، عن قوله صلىاللهعليهوآله : «التّائِبُ حَبِيبُ اللهِ» ، فقال : إنّما يكون التّائب حبيباً إذا كان فيه جميع ما ذكره في قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(١).
٨ ـ مراتب التّوبة
ذكر علماء الأخلاق ، درجات ومراتب مختلفة للتّوبة والتّائبين.
ويمكن تقسيم التّائبين من جهةٍ ، إلى أربعة أقسامٍ :
القسم الأوّل : اولئك التّائِبون الذين لا يقلعون عن الذنوب ، ولا يتأسفون على ما فعلوا ، حيث وقفوا عند مرحلة النّفس الأمّارة ، وعاقبتهم غير معلومةٍ أصلاً ، فَمِن المُمكن أن يعيش حالةَ التّوبة في آخر أيّام حياته ، وتكون عاقبته الحُسنى ، ولكنّ الطامّة الكبرى ، عند ما يتفق موتهم مع معاودتهم للذنب ، وهناك ستكون عاقبتهم السّوآى ، وفيها الخُسران الأبدي.
القسم الثاني : التّائبون بحق الّذين يستمرون في طريق الحقّ والطّاعة ، ويتحرّكون في خطّ الإستقامة ، ولكن الشّهوات تغلبهم أحياناً ، فيكسرون طوق التّوبة ، ويرتكبون بعض الذّنوب ، من موقع الشّعور بالضّعف أمامها ، ولكنّهم لا يقعون في هذا الخطأ ، من موقع الّتمرد والجُحود والعِناد ، على وعي الموقف ، بل من موقع الغفلة والإندفاع العفوي في حالات الضّعف ، الّتي تفرزها حالات الصّراع مع النّفس الأمّارة ، ولهذا يحدثون أنفسهم بالتّوبة من قريب ، هؤلاء الأشخاص وصلوا إلى مرحلة النّفس اللّوامة ، والأمل بنجاتهم أقوى.
القسم الثّالث : التوّابون الذين يجتنبون كَبائِر الإثم ، ويتمسّكون باصول الطّاعات ، ولكنهم قد يقعون في حبائل المعصية ، لا عن قصدٍ وعمدٍ ، ولذلك يتوبون مباشرةً عن الذّنب ، فيلومون أنفسهم ويعزمون على التّوبة والعودة إلى خطّ الإستقامة بإستمرار ، ويعيشون حالة الإبتعاد عن الذّنب دائماً.
__________________
١ ـ سورة التّوبة ، الآية ١١٢.