النّفس اللّوامة لهذه المجموعة ، مهيمنةٌ عليهم ، ويعيشون على مقربةٍ من النّفس المُطمئنّة ، والأمل بنجاتهم أكبر.
القسم الرابع : التّوابون بعزمٍ وقوةٍ إرادةٍ ، في طريق الطّاعة لله تعالى ، فلا تهزّهم العَواصف التي تفرضها حالات الصّراع مع الخَطيئة ، ولا يخرجون من أجواء التّقوى ، صحيح أنّهم ليسوا بمعصومين ، ولَرُبّما فكّروا بالمعصية ، ولكنّهم محصّنين مُبعدين عنها ، فَقِوى الإيمان والعقل عندهم ، سَلبت هوى النّفس فاعليّته في واقعهم الباطني ، وكبّلته بالسّلاسل الغلاظ ، في خطّ التّزكية والجهاد الأكبر ، فلا سبيل للشّيطان والأهواء عليهم.
فاولئك هم أصحاب : «النّفوس المطمئنّة» ، الذين نعتتهم الآيات (٢٧ الى ٣٠) من سورة الفَجر ، وخُوطِبوا بأبلغ خِطابٍ ، فقال عز من قائل : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً).
فدخلت بإفتخارٍ في أجواء النّور والقُرب الإلهي : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).
ومن جهةٍ اخرى ، فإنّ لِلتوبةِ مراحل على مستوى المصاديق أيضاً :
المرحلة الاولى : التّوبة من الكفر إلى الإيمان.
المرحلة الثّانية : التّوبة من الإيمان الموروث التّقليدي ، والتّحرك نحو الإيمان الحقيقي المُستحكم.
المرحلة الثّالثة : التّوبة من الذّنوب الكبيرة الخَطرة.
المرحلة الرّابعة : التّوبة من الذّنوب الصّغيرة.
المرحلة الخامسة : التّوبة من التّفكير بالذّنب ، والخواطر المشوبة بالمعصية ، وإن لم يرتكب الُمخالفة في دائرة الفعل والمُمارسة.
فكلّ فرقةٍ من العباد لهم توبة ، فتوبة الأنبياء من إضطراب السّر ، (في كلّ لحظةٍ لم يتوجهوا فيها إلى الله تعالى بالباطن والسِّر).
وتوبةُ الأصفياء من كلّ تنفّس بغير ذكر الله (١).
__________________
١ ـ فسّر المرحوم المجلسي : التّنفس بنفس ذلك المعنى ، ولكنّ بعض كتب اللّغة ، فسّرته : بالخطابات الطّويلة.