أمّا المؤيدون لتغيير الأخلاق ، فقد أجابوا على الدّليلين السّابقين وقالوا :
١ ـ لا يمكن إنكار علاقة الأخلاق وارتباطها بالرّوح والجسم ، ولكنه في حدّ (المقتضي) ؛ وليس (العلّةَ التّامةَ) لها ، وبعبارةٍ اخرَى يمكن أن تهيّىء الأرضيّة لذلك ، لكن ذلك لا يعني بالضّرورة أنّها ستؤثر تأثيراً قطعيّاً فيها ، من قبيل مَن يولد من أبوين مريضين ، فإنّ فيه قابليةٌ على الابتلاء بذلك المرض ، ولكن وبالوقاية الصّحيحة ، يمكن أن يُتلافى ذلك المرض من خلال التّصدي للعوامل الوراثية المتجذرة في بدن الإنسان.
فالأفراد الضّعاف البَنية يمكن أن يصبحوا أشداء ، بالإلتزام بقواعد الصّحة وممارسة الرّياضة البدنية ، وبالعكس يمكن للأشداء ، أن يصيبهم الضّعف والهزال ، إذا لم يلتزموا بالامور المذكورة أعلاه.
وعلاوةً على ذلك يمكن القول ؛ أنّ روح وجسم الإنسان قابلانِ للتغيير ، فكيف بالأخلاق التي تعتبر من معطياتهما؟
نحن نعلم ، أنّ كلّ الحيوانات الأهليّة اليوم ، كانت في يومٍ ما بَرّيّةً ووحشيّةً ، فأخذها الإنسان وروّضها وجعل منها أهليةً مطيعةً له ، وكذلك كثير من النّباتات والأشجار المثمرة ، فالذي يستطيع أن يُغيِّر صفات وخُصوصيّات النبّات والحيوان ، ألا يستطيع أن يغيّر نفسه وأخلاقه؟
بل توجد حيوانات روّضِت ، لِلقيام بأعمالٍ مخالفةٍ لطبيعتها ، وهي تُؤدّيها بأحسن وجهٍ!.
٢ ـ وممّا ذُكر أعلاه ، يتبيّن جواب دليلهمِ الثّاني ، لأنّ العوامل الخارجيّة قد يكون لها تأثيرها القوي جداً ، ممّا يؤدّي إلى تغير خصوصيّاتها الذاتيّة بالكامل ، وستؤثر على الأجيال القادمة أيضاً ، من خلال العوامل الوراثيّة ، كما رأينا في مثال : الحيوانات الأهليّة.
ويقصّ علينا التأريخَ قصصاً ، لُاناسٍ كانوا لا يراعون إلّاً ولا ذِمّةً ، ولكن بالتّربية والتّعليم تغيّروا تَغيُّراً جَذريّاً ، فمنهم من كان سارقاً محترفاً ؛ فأصبح عابداً متنسّكاً مشهوراً بين الناس.
إنّ التعرّف على كيفية نشوء الملكات الأخلاقيةٍ السّيئة يعطينا القُدرة والفرصة لإزالتها ، والمسألة هي كالتّالي : إنّ كلّ فعلٍ سيّءٍ أو حسنٍ يخلّف تأثيره الإيجابي أو السّلبي في الروح