ومسك الخِتام ، نورد حديثاً يبيّن كيفيّة الحساب في يوم القيامة ، عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : «لا تَزُولُ قَدَما عَبْدٍ يَومَ الَقيامَةِ ، حَتّى يُسْئَلَ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ عُمْرِهِ فِي ما أَفناهُ وَعَنْ شَبابِهِ فَي ما أَبلاهُ ، وَعَنْ مالِهِ مِنْ أَينَ كَسَبَهُ وَفي ما أَنْفَقَهُ وَعَنْ حُبِّنا أَهْلَ البَيتِ» (١).
الخطوة الخامسة : المعاتبة والمعاقبة
بعد «المحاسبة» ، يأتي دور المُعاتبة والمُعاقبة للنّفس على أخطائها وأغلاطها ، فالحساب بدون إظهار ردّ الفعل ، لا فائدة فيه ولا ثمرة ، ونتيجته ستكون عكسيةً ، بل تحمل النّفس على الجرأة والجسارة والعناد ، في حركة الحياة والواقع ، فكما يحاسب الرّئيس موظفيه عن تقصيرهم ، ويعاقبهم بنوعٍ ما ، وكلٌّ حسب حجم تقصيره ، فكذلك يفعل السّائرون في طريق الباري ، فإذا ما جَمَحَت بهم أنفسهم يوماً ، فسوف يعاقبونها لجرأتها على سيّدها ومولاها.
وأكّد القرآن الكريم على هذه المسألة ، فأقسَم بالنّفسِ اللّوامة ، لأهميتها : (لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)(٢) ، (٣).
ونحن نعلم أنّ النّفس اللوامة ، هي الضّمير الحي الذي يردع صاحبه عن إرتكاب المعاصي ، وهو نوع من العِقاب للنفس.
ومن الواضح أنّ العقاب للنفس له درجاتٌ ومراتبٌ ، وأوّل ما يبدأ من حالة الملامة ، ثمّ يشدّد العقاب ، وذلك بحرمان النّفس من بعض اللذائذ الدنيوية لفترة من الزّمن.
وأشار القرآن الكريم ، لنموذجٍ رائعٍ حول هذا الموضوع ، وذلك بالنّسبة للثلاثة الذين
__________________
١ ـ خصال الصدوق ، ص ٢٥٣.
٢ ـ سورة القيامة ، الآية ٢.
٣ ـ المعروف بين المفسّرين : أنّ «لا» زائدة وللتأكيد ، والجدير بالملاحظة أنّه وردت تفسيرات مختلفة «للنفس اللّوامة» ، فبعض قال : أنّها إشارةٌ للكفّار والعاصين الذين يلومون أنفسهم في يوم القيامة ، وبعض أشاروا إليهم في هذه الدنيا ، أنّهم يستحقون الملامة في الدنيا قبل الآخرة ، ولكنّ المعنى : «الوجدان أو الضمير المستيقظ» ، أنسب من الجميع ، وقَسَمٌ القرآن بهاٌ دليلٌ على أفضليّتها على باقي الامور.