أَخْلَصَ للهِ العِبادَةَ وَالدُّعاءِ ، وَلَمْ يَشْغَلْ قَلْبَهُ بِما تَرى عَيناهُ ، وَلَمْ يَنْسَ ذِكْرَ اللهِ بِما تَسْمَعُ اذُناهُ وَلَمْ يَحْزَنْ صَدْرُهُ بِما اعطِي غَيْرَهُ» (١).
حقيقة الإخلاص :
يقول المرحوم الفيض الكاشاني ، في المحجّة البيضاء حول هذا الموضوع : «إعلم أنّ كلّ شيء يتصور أن يشوبه غيره ، فإذا صفا عن شوبه ، وخلص عنه سمّي خالصاً وسُمّي الفعل المصفّى ، المخلص إخلاصاً ، قال الله تعالى : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ)(٢) ، فإنّما خلوص اللّبن ، أن لا يكون فيه شوب من الدم والفرث ، ومن كلّ ما يمكن أن يتمزج به والاخلاص ، يضادّه الإشراك ، فمن لا يكون مخلصاً فهو مشرك ، إلّا أنّ للشّرك درجاتٍ ، والإخلاص في التوحيد يضادّه الشرك في الإلهيّة ، والشّرك منه خفي ومنه جلّي وكذلك الإخلاص» (٣).
وكذلك ما ورد من تعبيرات لطيفةٍ في الرّوايات ، تبيّن الإخلاص الحقيقي والمخلصين الحقيقيين ، منها :
١ ـ الحديث الوارد عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : «إِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً ، وَما بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الإِخلاصِ ، حَتّى لا يُحِبَّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى شَيءٍ مِنْ عَمَلٍ للهِ» (٤).
٢ ـ نقل عنه صلىاللهعليهوآله : «أَمّا عَلامَةُ الُمخْلِصِ فَأَربَعَةٌ ، يُسْلمُ قَلْبَهُ وَتُسلمُ جَوارِحُهُ ، وَبَذَلَ خَيْرَهُ وَكَفَّ شَرَّهُ» (٥).
٣ ـ في حديث آخر عن الإمام الباقر عليهالسلام ، أنّه قال : «لا يَكُونُ العَبْدُ عابِداً للهِ حَقَّ عِبادَتِهِ
__________________
١ ـ اصول الكافي ، ص ١٦.
٢ ـ سورة النّحل ، الآية ٦٦.
٣ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٨ ، ص ١٢٨.
٤ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٩ ، ص ٣٠٤.
٥ ـ تُحف العقول ، ص ١٦.