حَتّى يَنْقَطِعَ عَنِ الخَلْقِ كُلُّهُ إِلَيهِ ، فَحِينَئِذٍ يَقُولُ هذا خالِصٌ لِي فَيَتَقَبِّلَهُ بِكَرَمِهِ» (١).
٤ ـ وأخيراً يقول الإمام الصادق عليهالسلام : «ما أَنْعَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَبْدٍ أَجَلَّ مِنْ أَنْ لا يَكُونَ فِي قَلْبِهِ مَعَ اللهِ غَيْرُهُ» (٢).
الآن بعد ما عرفنا أهميّة الإخلاص ، ودوره العميق في سلوك طريق الحق والقرب من الله ، والسّير في حركة الإنسان في خط الإيمان والتوحيد ، يبقى هنا سؤال يفرض علينا نفسه ، وهو كيف يمكننا تحصيل الأخلاص؟
لا شك أنّ الإخلاص في النيّة ، هو وليد الإيمان واليقين العميق بالمعارف الإلهيّة ، وكلمّا كان الإنسان متيقناً على مستوى التّوحيد الأفعالي ، وأنّ كلّ شيء في عالم الوجود يبدأ من الله تعالى ويعود إليه ، وهو المؤثر الأول وعلّة العلل وأنّ الاسباب والعِلل الجليّة والخفيّة خاضعة لأمره وتدبيره ، فحينئذٍ يكون سلوك هذا الإنسان مُنسجماً مع هذه العقيدة ، بالمستوى الذي يكون فيه عمله في غاية الخُلوص ، لأنّه لا يرى مُؤثّراً في الوجود غير الله ، يثير في نفسه الدّوافع المضادّة للإخلاص ، والحركة في غير طريق التّوحيد.
وعكست الرّوايات هذه الحقيقة ، فقال الإمام علي عليهالسلام : «الإخلاصُ ثَمَرَةُ اليَقِينِ» (٣).
وعنه عليهالسلام : «ثَمَرَةُ العِلْمِ إِخلاصُ العَملِ» (٤).
وأخيراً تناول الإمام علي عليهالسلام المسألة بشيءٍ من التفصيل ، فقال : «أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ ، وَكَمالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصدِيقُ بهِ ، وَكَمالُ التَّصدِيقِ بِهِ ، تَوحِيدُهُ ، وَكَمالُ تِوحِيدهِ الإِخلاصُ لَهُ» (٥).
موانع الإخلاص :
أشار علماء الأخلاق الأفاضل إلى هذه المسألة إشارات دقيقة وواضحة ، فقال البَعض ، إنّ
__________________
١ ـ مستدرك الوسائل ، ج ١ ، ص ١٠١.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ غُرر الحِكم ، ج ١ ، ص ٣٠ (الرقم ٩٠٣).
٤ ـ المصدر السابق ، ص ١٧ ، (الرقم ٤٤٤).
٥ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ١.