ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، حيث قال : «كَيفَ يَستَطِيعُ الإخلاصُ مَنْ يَغْلِبَهُ الهوى» (١).
وفي الواقع فإنّ ما ذُكر في الحديثٍ ، آنفاً ، هو أهم وأقوى آفات الإخلاص ، نعم فإنّ هوى النفس ، يكدّر عين الإخلاص ويُظلِمُها.
وعنه عليهالسلام ، قال : «قَلِّلِ الآمالَ تَخْلُصُ لَكَ الأعمالُ» (٢).
والجدير بالذّكر ، أنّ الوساوس يمكن أن تأتي بشكلٍ آخر ، فتقول للمُصلي لا تذهب لِصلاة الجماعة ، لأنّ نيّتك يمكن أن تتلّوث بالرّياء أمام الناس ، وعليك بإقامة الصّلاة في بيتك ، لكي تعيش أجواء الإخلاص في خطّ العبادة والصلاة ، وتتخلص من براثن الرّياء!!.
أو يدعوه لترك المستحبات لنفس السّبب ، لِيحرمه من ثوابها.
ولعل هذا هو السّبب في دعوة القرآن الكريم ، للإنفاق بالسرّ والعَلانية : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٣).
ونختم بحثنا بملاحظةٍ مُهمّةٍ ، ألا وهيَ ، أنّ الإخلاص في السرّ ، ليس بتلك الدرجة من الصّعوبة والأهميّة ، بل المهم هو أن يعيش الإنسان ، حالة الإخلاص في العلانية ، وأمام مرأى ومسمعٍ من الناس.
معطيات الإخلاص :
بما أنّ حالة الإخلاص ، تُمثّل أغلى جوهرةٍ تُحفظ في خزانة الرّوح ، وما يترتّب على هذه الحالة من معطيات إيجابيةٍ مهمّةٍ ، فقد أوردت الرّوايات تلك المسألة ، بصورةٍ بليغةٍ جميلةٍ ، ومنها : «ما أَخْلَصَ عَبْدٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ أَربَعِينَ صَباحاً إلّا جَرَتْ يَنابِيعُ الحِكْمَةُ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسانِهِ» (٤).
__________________
١ ـ غرر الحكم ج ٢ ص ٥٥٣ الرقم ٤.
٢ ـ المصدر السابق ح ٢٩٠٦.
٣ ـ سوره البقره الايه ٢٧٤.
٤ ـ عُيون أخبار الرضا ، ج ١ ، ص ٦٩ ، بحار الأنوار ، ج ٦٧ ، ص ٣٤٢.