وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١).
وأمثالها من الآيات الكريمة التي تبيّن لنا أنّ الهدف من بعثة الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله : هو تعليم وتزكية كل اولئك الذي كانوا في ضلالٍ مبينٍ.
٢ ـ كلّ الآيات التي توجّه الخطاب الإلهي إلى الإنسان ، مثل : (يا بَنِي آدَمَ) و (يا أَيُّهَا النَّاسُ) و (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) و (يا عِبادِيَ) ، تشمل أوامر ونواهي تتعلق بتهذيب النّفوس ، وإكتساب الفضائل الأخلاقيّة ، وهي بدورها خير دليل على إمكانيّة تغيير «الأخلاق الرّذيلة» ، وإصلاح الصّفات القبيحة في واقع الإنسان ، وإلّا ففي غير هذه الصّورة تَنتفي عُموميّة هذه الخطابات الإلهيّة ، فتصبح لغواً بدون فائدةٍ.
وقد يقال : إنّ هذهِ الآيات ، غالباً ما تشتمل على الأحكام الشرعيّة ، وهذه الأحكام تتعلق بالجوانب العمليّة والسلوكيّة في حياة الإنسان ، بينما نجد أنّ الأخلاق ناظرةٌ للصفات الباطنيّة؟
ولكن يجب أن لا ننسى ، أنّ العلاقة بين «الأخلاق» و «العمل» ، هي : علاقة اللّازمِ والَملزومِ لِلآخر ، وبمنزلة العلّة والمعلول ، فالأخلاق الحسنة تُعتبر مصدراً للأعمال الحسنة ، والأخلاق الرذيلة مصدراً للأعمال القبيحة ، وكذلك الحال في الأعمال ، فإنّها من خلال التّكرار تتحول بالتّدريج ، إلى ملكاتٍ وصفاتٍ أخلاقيّةٍ في واقع الإنسان الداخلي.
٣ ـ القول والاعتقاد بعدم إمكان التّغيير للأخلاق ، مدعاة للقول والإعتقاد بالجَبر ؛ لأنّ مفهومها هو : أنّ صاحب الخُلق السّيء والخُلق الحسن ، ليسا بقادرين على تغيير أخلاقهم ، وبما أنّ الأعمال والسّلوكيات تعتبر إنعكاساً للصفات والملكات الأخلاقيّة ، ولِذا فمثل هؤلاء يتحرّكون في سلوكياتهم من موقع الجَبر ، لكننا نرى أنّهم مكلّفين بفعل الخيرات وترك الخبائث ، وعليه يترتب على هذا القول جميع المفاسد التي تترتب على مقولة الجبر (٢).
٤ ـ الآيات الصّريحة التي ترغّب الإنسان في تهذيب أخلاقه ، وتُحذّره من الرذائل ، هي أيضاً دليلٌ محكمٌ على إمكانيّة تغير الصفات والطّبائع الإنسانية ، مثل قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ
__________________
١ ـ سورة الجمعة : الآية ٢ ، ويوجد نفس المعنى والمضمون في الآية ١٦٤ من سورة آل عمران.
٢ ـ انظر : اصول الكافي ، ج ١ ص ١٥٥ ، وكشف المراد ، بحث القضاء والقدر وما يترتب على ذلك من مفاسد المذهب الجَبري.