وفي حديثٍ آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه قال : «عِنْدَ تَحققُ الإخلاصُ تَسْتَنِيرُ البَصائِرُ» (١).
وَوَرد عنه عليهالسلام أيضاً : «فِي إخلاصِ النيّاتِ نَجاحُ الامورِ» (٢).
ويتّضح من ملاحظة هذا الحديث ، أنّ النيّة كلّما أخلصت ، كان الإهتمام بِباطن الأعمال أقوى ، أو بتعيبرٍ أدق : إنّ الجَودة والدّقة على مستوى السّلوك والعمل ، ستكون في ذَروتها ، ونجاح العمل سيكون مضموناً ، والعَكس صحيحٌ ، فإذا كان الهدف يتركز على معالم الظاهر فقط ، دون أن يولّي أهميّةً للمحتوى ، فسيكون مصير العمل إلى الفَشل والخَيبة.
ولذلك قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لَو خَلُصَتِ النِّيَّاتُ لَزَكَّتِ الأَعمالُ» (٣).
الرّياء :
النقطة المقابلة للإخلاص هي : «الرّياء» ، وقد ورد ذمّه بكثرةٍ في الآيات والروايات الشريفة ، التي نهرت النّاس من هذا العمل المُشين ، وإعتبرته من أوضح مصاديق الشّرك الخفي ، وعلّة بطلان الأعمال ، وعلامة من علامات النّفاق.
ونجد فيها أنّ الرّياء يهدم الفضائل ، ويزرع بذور الرّذائل في روح الإنسان ، وُ يشغله عن الهدف الأساسي الحقيقي ، في خطّ الرّسالة والإستقامة.
وهو أداةٌ قويةٌ مؤثرةٌ بيد الشّيطان الرّجيم ، لإضلال وصرف النّاس عن الطّريق الصّحيح ، وتحويلهم من دائرة الإيمان ، إلى دائرة الكفر والإنحراف.
ونعود هنا للآيات القرآنية الكريمة ، التي ترينا وجه المرائي القبيح ، والنّتائج السلبيّة المترتّبة على الرّياء :
١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ
__________________
١ ـ غُرر الحِكم ، ج ٢ ، ص ٤٩٠ ، الرقم ١٢.
٢ ـ المصدر السّابق ، ص ١٤ ، الرقم ٦٨.
٣ ـ المصدر السّابق ، ص ٦٠٣ ، الرقم ١١.