ولكن الخطأ الفادح يكمن هنا لأنّه : أولاً : إنّ كلّ عملٍ وفعلٍ يترتب عليه نوعان من ردود الفعل ، أحدهما ما ينعكس أثره في نفس الإنسان ، والآخر ما يترتب على الفعل في الخارج ، فالمُرائي يحطّم نفسه من الدّاخل ويُبعدها عن التّوحيد والدّين الحنيف ، ويوقعها في وادي الشّرك ، ويعتبر عزّته وإحترامه رهنٌ بيدَ النّاس ، وينسى قُدَرة الباري تعالى في دائرة التّصرف في عالم الوجود ، وبهذا يكون الرّياء نوعاً من الشّرك بالله تعالى ، ويُفضي إلى نتائج وخيمة على مستوى الأخلاق والقِيَم الإنسانية.
وثانياً : بالنّسبة للعمل الخارجي ، الذي يقصد به الرّياء والسّمعة ، فالمجتمع هو الخاسر الأوّل في هذا المضمار ، لأنّ المرائي يسعى لتحسين عمله ، على مستوى الظّاهر فحسب دون الإهتمام بالباطن ، ممّا يُفضي إلى تحويل العمل ، إلى إنحراف وإفسادٍ على المستوى الإجتماعي.
وبعبارةٍ اخرى : إنّ المجتمع الذي يتّخذ من الرّياءِ مركباً ، في ممارسات الأفراد ، سيكون كلّ شيءٍ فيه بلا مُحتوى ، ك : (الثقافة ، الإقتصاد ، السياسة ، الصحة والنظام والقوى الدفاعية) وكلّها ستهتم بالظّاهر فقط ، ولا يكون الهدف منها نيل السّعادة الحقيقيّة للأفراد ، بل سيركضون وراء كلّ شيءٍ برّاقٍ وجميلِ الظاهر ، وأمّا باطنه ، فالله العالم.
وهذا النّوع من الإتجاه ، يورد صدمات وضربات ومضرّات في حركة الواقع الإجتماعي ، لا تخفى على ذهن الفطن الكيّس.
علامات المُرائي :
قد يصاب بعض الأشخاص ، لدى مطالعتهم لتلك الأحاديث التي تُشدّد على المرائي بالوسَوسة النّاشئة من الإبهام في تشخيص موضوع الرّياء ، ورغم أنّ الجَدير بالإنسان التّشديد في مسألة الرّياء ، لأنّ نفوذه خفيٌّ جدّاً ، وكم حَدَث للإنسان ، أن يعمل عملاً ويبقى لفترةٍ طويلةٍ غير ملتفتٍ لأصابته بالرّياء ، كالقصّة المعروفة عن أحد المؤمنين السّابقين ، حيث نقل عنه ، أنّه قضى صلوات جماعته كلّها ، التي صلّاها في سنوات من عمره الطويل ، ولمّا سألوه عن السّبب قال : إنّي كنت دائماً اصلّي الجماعة في الصّف الأول ، وفي يوم من الأيّام تأخّرت