في السرّ والعلانية ، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنّه يدلّ على إمكانيّة الإتيان بالأعمال علانيةً ، وبدوافع إلهيّة بعيداً عن الرّياء.
ويوجد خمسُ آياتٍ شجّعت على الإنفاق سرّاً وعلانيةً ، أو سِرّاً وجهراً (١).
مضافاً إلى أنّ قسماً كبيراً من العبادات ، يؤدّى في العلانية ، فإذا ما لم يتسلط الإنسان على نفسه في خط الإلتزام الديني ، ويُمسك بزمامها في دائرة النّوازع الذاتيّة ، فَسيخسر هو والمجتمع كثيراً من أشكال الثّواب والخير ، وستختل أركان بعض العبادات في خطّ الممارسة والعمل.
علاجُ الرِّياء :
يوجد طريقان لِمُعالجة حالة الرّياء ، فالرّياء مَثَلُه كَمَثَلِ سائر الأخلاق السلبيّة والسّلوكيّات الذّميمة ، ففي بادىء الأمر ، علينا التّركيز على معرفةِ العِلَل ، وجذور هذه الحالة السّلبية في الواقع النّفسي ، لأجل القضاء عليها ، ثم التّحرك نحو دراسة عواقبها المؤلمة ، والكشف عنها في عمليّة التّصدي لها ، وتوخي جانب الحَذر منها.
بالطّبع لقد أشرنا آنفاً ، أنّ الرّياء هو : «الشّرك الأفعالي» ، والغفلة عن حقيقة التّوحيد ، فإذا ما تأصلت حقيقة التّوحيد الأفعالي في قلوبنا ، وإستحكمت في نفوسنا ، وإستيقنّا أنّ العزّة لله جميعاً ، من موقع المشاهدة الوجدانية ، ورأينا أنّ الرّزق والضرّ والنّفع بيده وهو المسخّر للقلوب ، فسوف لن نختار سواه بدلاً ، ولن نُدنّس أنفسنا وأفعالنا بحالة الرّياء الشّنيعة ، التي لا تنسجم مع خطّ التّوحيد في دائرة الأفعال ، فالذي يعيش اليقين الرّاسخ بهذه الحقيقة ، وهي أنّ مَنْ يكون مع الله تعالى ، يكون كلّ شيءٍ معه ، وبدونه فهو لا شيء ، ويرى بعين البصيرة ، مِصداق قوله تعالى : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)(٢).
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية ٢٧٤ ؛ الرّعد ، ٢٢ ؛ إبراهيم ، ٣١ ؛ النّحل ، ٧٥ ؛ فاطر ، ٢٩.
٢ ـ سورة آل عمران ، الآية ١٦٠.