شاهده الناس ، فإنّه يشعر في قرارة نفسه بالفرح ، من دون أن يؤثّر ذلك على كيفيّة العمل ، فهذا القسم لا يوجب البُطلان أيضاً ، لأنّه لا يعدّ من الرّياء.
ونصل هنا إلى نهاية بحثنا حول الرّياء ، وإن كنّا قد أعرضنا عن كثيرٍ من الامور ، إجتناباً للتّطويل.
الخطوة السّابعة : السّكوت وإصلاح اللّسان
تناولت الرّوايات الإسلاميّة هاتين المسألتين ، بمزيدٍ من الإهتمام ، وكذلك علماء الأخلاق ، أكّدوا عليهما في أبحاثهم التّربوية ، لإعتقادهم أنّ السّير والسّلوك إلى الله تعالى ، لنْ يتحقّق في واقع الإنسان إلّا بالسّكوت ، وحفظ اللّسان من الذنوب التي قد يقع الإنسان فيها من خلال الكلام ، وإن كان ، قد أتعب نفسه في الرياضات الرّوحيّة وأنواع العبادات.
أو بتعبيرٍ أدَقْ : إنّ مفتاح مسيرة التهذيب والسّلوك إلى الله تعالى هو الإلتزام بِذَينك الأمرين ، ومن لم يستطع السّيطرة على لسانه ، فلن يُفلح في الوصول ، إلى الأهداف السّامية والمقاصد العالية.
وبعد هذه الإشارة نعود إلى بحثنا الأساسي ، ودراسة الآيات والرّوايات التي وَرَدت في هذا المِضمار.
السّكوت في الآيات القرآنيّة الكريمة :
في كِلا المَوردين ، إعتبر القرآن الكريم ، هذه المسألة من القيم السّامية ، في خطّ الإيمان والأخلاق ، ففي بادِىء الأمرِ ، إستعرض قصّة مريم عليهاالسلام ، فعند ما كانَت في وضعها المُتأزّم ، وتفكيرها في حملها وحالة الطلق التي أصابتها ، ووحدتها في تلك الصّحراء المريعة ، وقد هوّمت نحوها الهُموم من كلِّ جانبٍ ، وأشدّها إفتراءات بني إسرائيل عليها ، فتمنّت الموت في تلك السّاعة من بارِئها ، ولكن جاءها النّداء ، أن لا تحزن ولا تغتم ، فإنّ الله معها وهو الذي يتكفّل