وقال عليهالسلام أيضاً : «إِياكَ والكَلامَ في ما لا تَعْرِفُ طَرِيقَتَهُ وَلا تَعْلَمَ حَقِيقَتَهُ فَأنَّ قَولَكَ يَدُلُّ عَلى عَقْلِكَ وَعِبادَتِكَ تُنْبَؤُ عَنْ مَعْرِفَتِكَ» (١).
والحقيقة أنّ اللّسان له دور حيوي وفعّال ، في حياة الإنسان وبناء شخصيته ، وهو أمرٌ لا يخفى على أحدٍ ، وله أصداءٌ واسعةٌ في الرّوايات الإسلاميّة ، وما ورد آنفاً ليس إلّا نَزَرٌ قليلٌ من ذاك الكمّ الكثير.
وبالطّبع فإنّ النّعم الإلهيّة العظيمة ، هي رأسمالٌ عظيمٌ لبناء الذّات في طريق التّكامل المعنوي ، وكلّما إزدادت النعم الإلهيّة ، وتوسّعت ، إزداد الأمر خطورةً ، للحفاظ عليه من الآفات والأخطار في دائرة التّحديات الصعبة ، التي تحاول القضاء على شخصيّة الإنسان.
والمعروف : «أنّه إلى جانبِ كلِّ جبلٍ عظيمٍ وادٍ سحيقٍ» ، ففي جانب كلّ نعمةٍ وموهبةٍ ، هناك خطرٌ محدقٌ ، فالطّاقة الذريّة مثلاً إذا استعملت في الأغراض السلميّة ، والإعمار ، فستبني وتُعمّر دنيا الإنسان ، وإذا ما استعملت في الشر فستفني العالم في دقائق معددوة.
ومنها نفتح باب الحديث ، على آفات اللّسان.
آفات اللّسان :
كما أشرنا أنّ فوائد اللّسان وبركاته البنّاءة عديدةٌ ، وكذلك آثاره السلبيّة ، وما يترتب عليه من ذنوبٍ وآثامٍ ، ونتائجٍ مخرّبةٍ على مستوى الفرد والمجتمع ، وقد ذكر العلّامة المرحوم الفيض الكاشاني رحمهالله ، في كتابه : «المحجّة البيضاء» ، والغزالي في كتابه : «إحياء العلوم» ، بحوثاً مطوّلة ، فذكر الغزالي عشرين نوعاً من أنواع الإنحرافات والأخطار للّسان :
١ ـ الكلام في ما لا يعني الإنسان ، «وليس له أثر مادّي ولا معنوي في حياة الإنسان».
٢ ـ الثّرثرة والكلام اللّغو.
__________________
١ ـ غرر الحكم.