الاسس الكليّة للوقاية من أخطار اللّسان :
تبيّن ممّا سَبق ، أنّ اللّسان في الوقت الذي يعدّ فيه نعمةً إلهيةً عظميةً ، هو في نفس الوقت ، خطرٌ جدّاً إلى درجةٍ أنّ بإمكانه ، أن يكون مصدرَ الخطايا والذّنوب ، وأن يَهبُط بالإنسان في خطّ الباطل ، إلى أسفل السّافلين ويجره إلى الحَضيض.
ولأجله علينا التّفكير ، في الاصول التي تُعيننا في تجنّب أخطاره الكبيرة ، أو تقليلها إلى أقصى حد.
ونستعين في دائرة الكشف عن أخطار اللّسان ، بتوجيهات أئمّتنا العظام عليهمالسلام ورواياتهم ، وكذلك نَستعين بِبَعض من كلمات علماء الأخلاق ، حيث وضعوا لنا اصولاً واسساً وخطوطاً عامةً ، عليها التَّعويل في حركتنا المعنويّة المتجهة نحو الله تعالى ، ومنها :
١ ـ الإنتباه الحَقيقي لأخطار اللّسان
للوقاية من أخطار أيّ موجودٍ خطرٍ علينا ، في البِداية نَلتَزِم حالة الإنتباه والتّوجه الّتام ، لما يترتب عليه من أخطار ، فعند ما يستيقظ الإنسان كلّ يومٍ صباحاً ، عليه أن يُوصي نفسه ومعها على مستوى الحَذر ، من شطَحات لسانه وأفكاره ، لأنّ هذا العضو من البدن إذا تعامل معه الإنسان ، من موقع الإنضباط في خطّ المسؤوليّة ، فسوف يصعد به إلى أوج السّعادة والكَمال ، وإذا أطلق له العِنان ، فسيورد صاحبه في المهالك ، فهو وَحشٌ ضارَي لا همّ له إلّا التّدمير والتّخريب ، وقد ورد هذا المعنى بصورةٍ جمليةٍ وتعبيراتٍ مؤثّرةٍ في رواياتنا الشّريفة ، منها ما ورد عن سعيد بن جُبير ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث قال :
«إذا أَصبَحَ إبنُ آدَمَ أَصْبَحَتْ الأَعْضاءُ كُلُّها تَشْتَكِي اللِّسانَ أَي تَقُولُ إِتَّقِ اللهَ فِينا فَإِنَّكَ إِنْ اسْتَقَمْتَ إِسْتَقَمنا وَإِنْ إِعوَجَجْتَ إِعوَجَجنا» (١).
وجاء عن إمامنا السّجاد عليهالسلام :
«إِنَّ لِسان إبنِ آدَمَ يُشْرِفُ عَلى جَمِيعِ جَوارِحِهِ كُلَّ صَباحُ فَيَقُولُ كَيفَ أَصْبَحْتُم؟!
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٥ ، ص ١٩٣.