فَيَقُولُونَ بِخَيرٍ إِنْ تَرَكْتَنا وَيَقُولُونَ اللهَ اللهَ فِينا ، وَيُناشِدُونَهُ وَيَقُولُونَ إِنَّما نُثابُ وَنُعاقَبُ بكَ». (١)
٢ ـ السّكوت
تطرّقنا سابقاً لمباحث السّكوت ، بصورةٍ وافيةٍ ، ونقلنا آيات وروايات كثيرة في هذا الصّدد ، فكلّما كانَ الكلام أقل ، كان الزّلل كذلك ، وكلّما كان السّكوت أكثر ، كانتْ السّلامة تحيط بالإنسان في حركة الحياة والواقع ، عِلاوةً على ذلك فإنّ إلتزام السّكوت في أغلب الحالات ، يعوّد الإنسان السّيطرة على لسانه والحدّ من جموحه ، والوصول في هذه الحالة النّفسية ، إلى درجةٍ لا يقول إلّا الحقّ ، ولا يتكلّم إلّا بما يُرضي الله تعالى.
ويجب الإنتباه إلى أنّ المراد من السّكوت ، ليس هو السكوت المطلق ، فكثيرٌ من امورنا الحياتيّة لا يتحقّق إلّا بالكلام ، من قبيل كثيرٍ من الطّاعاتِ والعبادات ، ونشر العلوم والفَضائل ، وإصلاح ذاتِ البَين ، وأمثال ذلك ، فالمقصود قلّة الكلام والإجتناب عن فُضوله ، فقد قال الإمام علي عليهالسلام :
«مَنْ كَثُرَ كَلامُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ ، مَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَياؤُهُ ، وَمَنْ قَلَّ حَياؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعَهُ ماتَ قَلْبُهُ ، وَمَنْ ماتَ قَلْبُهُ دَخَلَ النّارَ» (٢).
ونقل هذا التّعبير ، بصورةٍ اخرى عن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله (٣).
وفي حديثٍ آخر عن الإمام علي عليهالسلام ، أنّه قال : «الكَلامُ كَالدَّواءِ قَلِيلُهُ يَنْفَعُ وَكَثِيرهُ قاتِلٌ» (٤).
٣ ـ حِفظ اللّسان : «التفكّر أولاً ثّم الكَلام»
إذا فكّر الإنسان في مضمون كلامه ، ودوافعه ونتائجه ، فسيكون بإمكانه أن يَتجنّب كثيراً من الشّطحات ، والذّنوب التي تنطلق من موقع الغفلة ، نعم فإنّ إطلاق العِنان لِلّسان من موقع اللّامبالاة والإستهانة ، بإمكانه أن يوقعه في أنواع الذّنوب والمَهالك في حركةِ الحياة.
__________________
١ ـ الكافي ، ج ٢ ، ص ١٥ ، ح ١٣.
٢ ـ نهج البلاغة ، الكلمات القِصار ، الكلمة ٣٤٩.
٣ ـ النحجّة البيضاء ، ج ٥ ، ص ١٩٦.
٤ ـ غُرر الحِكم ، الرقم ٢١٨٢.