بِوحل الذّنوب ، ومستنقع الخَطيئة.
ثانياً : الإنسان بمعرفته لنفسه ، سيطّلع على الأخطار التي تحدق به ، جرّاء مِيوله النّفسية ، وعنصر الهَوى ودوافع الشّهوة ، التي تقع في خطّ التّقابل ، مع سعادته وتكامله المعنوي في حركة الواقع النّفساني ، وسيكون بإمكانه التّحرك في دائرة المُواجهة الواعية ، للوقوف بوجهها والتّصدي لها.
ومن البديهي ، أنّ الإنسان الذي لا يَخبُر نفسه لن يكون على إحاطةٍ بوجود تلك الدوافع ، ويبقى كالغافل عمّا يدور حواليه ، بينما يكون الأعداء قد إحتوشوه من كلّ جانبٍ ، وهو لا يُحرّك ساكناً ، وبالطّبع فإنّ هذا الشّخص ، سيتلقّى ضرباتٍ قاصمةٍ من عدوّه ، وبعدها يخضع لواقع السّيطرة من قِبل العدو ، وأنّى له ساعتها ، التّدبير والتّفكير من موقع الشّعور الهادِىء ، والبعيد عن الإنفعال والتّوتر!!.
ثالثاً : بمعرفة النّفس ، ستظهر له خَبايا نفسه ، وإستِعداداتِها المختلفة ، ولأجل رُقيّها وكمالها والسّير بها إلى الله ، سيسعى الإنسان في خطّ التربيّة والتّهذيب ، لِبلورة تلك الإستعدادات والكَمالات ، ويستخرج كُنوزها من واقعه الذّاتي ، ليقترب بواسطتها من آفاق السّماء.
وحال الشّخص الذي لا يتعامل مع ذاته ، من موقع المعرفة والوَعي ، كحال الذي دَفَن في بيته كُنوزاً ، وهو لا يعلم بها ، وهو بأمسّ الحاجة إليها لفقره المُدقع ، فيموت جوعاً بدون أن يجد في نفسه باعثاً على الانتفاع بها ، في واقع الحياة.
رابعاً : إنّ كلّ واحدةٍ من المفاسد الأخلاقيّة ، لها جذورها في النّفس الإنسانيّة ، وبمعرفة النّفس ، سيسعى الإنسان في عمليّة قلع تلك الجُذور ، من واقع النّفس وغلق تلك الرّوافد التي تمدّها بالماء الآسن ، ومُعالجة هذا الواقع السّلبي ، بفتح روافد الماء الصّافي الرّقراق الذي يمدّها بالحَياة والوِصال الحقيقي المنفتح على الإيمان والصفاء النّفسي.
خامساً : والأهم من هذا وذاك ، فإنّ معرفة النّفس ، تؤدّي إلى معرفة الربّ ، ومعرفة صفاته الجلاليّة والجماليّة ، والتي هي من أقوى الدّوافع الذاتيّة ، لتربية المَلَكات الأخلاقيّة ، والكَمالات الإنسانيّة ، وطريقٌ قويمٌ لِلنجاة من الإنحطاط والرّذيلة ، والصّعود بها إلى أعلى