هانَتْ عَلَيهِ شَهَواتُهُ» (١).
فالشّخص الذي عرف نفسه ، على مستوى كرامتها الذّاتية ، لا يعيش الذّلة في إطار الخضوع للشّهوات ، والإستسلام للأهواء والنّوازع النّفسيّة.
٧ ـ كما أنّ معرفة النّفس ، تعتبر ركناً مُهمّاً في تهذيب النّفس ، في خطّ التّكامل الأخلاقي والمعنوي ، فالجهل بِكرامة النّفس ، سبب للإبتعاد عن الله تعالى ، ولِذا ورد في حديثٍ آخر ، عن الإمام العاشر : (الإمام الهادي عليهالسلام): «مِنْ هانَتْ عَلَيهِ نَفْسُهُ فَلا تأَمَنْ شَرَّهُ» (٢).
ومِن مَضمون ما تقدّم ، يتبيّن بوضوح ، أنّ من الدّعامات الأساسيّة للفضائل الأخلاقية ، والتّكامل المعنوي ، هو معرفة النّفس ، ولن يصل الإنسان إلى غايته المَنشودة ، إلّا بعد عبور ذلك الممر الصّعب ، ولذلك أكّد علماء الأخلاق ، كثيراً على هذه المسألة ، لِكي لا يغفل عنها السّائرون في الطّريق إلى الله تعالى.
٣ ـ معرفة النّفس طريقٌ لمعرفة الرّبّ
يقول الباري تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)(٣).
وَوَرد في آية اخرى ، قوله تعالى : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)(٤).
وإستدلّ بعض المحقّقين ، بالآية الشّريفة ، التي تتحدث عن عالَم الذَّرْ ، على هذه الحقيقة أيضاً ، وهي أنّ : «معرفة النّفس» ، تعتبر الأساس والقاعدة : «لمعرفة الله تعالى» حيث تقول الآية الكريمة : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا)(٥).
ونقرأ في تفسير الميزان : «فالإنسان وإن بلغ من التّكبر والخُيلاء ما بلغ ، وغرّته مساعدة
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، قصار الكلمات ، الكلمة ٤٠٩.
٢ ـ تُحف العقول ، من قصار كلمات الإمام الهادي عليهالسلام.
٣ ـ سورة فصّلت ، الآية ٥٣.
٤ ـ سورة الذّاريات ، الآية ٢١.
٥ ـ سورة الأعراف ، الآية ١٧٢.