وعلى كلّ حالٍ ، فإنّ مضمون هذا الحديث قد ورد بطرق متعدّدة ، في كتاب بحار الأنوار ، عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أو أحد المعصومين عليهمالسلام ، أو إدريس النبي عليهالسلام ، وكذلك ورد عن الإمام علي عليهالسلام ، في : «غُرر الحِكَم» (١).
وقال العلّامة الطّباطبائي ، في تفسيره : «أنّ الشّيعة والسّنة قد نقلوا هذا الحديث عن الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهو حديثٌ مشهورٌ» (٢).
التّفاسير السّبعة ، لحديث من عَرف نفسه :
وقد وردت تفاسيرٌ عديدةٌ لهذا الحديث ، ومنها :
١ ـ يشير هذا الحديث إلى : «بُرهان النّظم» ، فكلّ إنسانٍ يتعرف على عجائب الخِلقة ، في روحه وجِسمه ، وما تتضمّن من النّظم المعقد والمحيّر في تفاصيلها الدقيقة ، فسوف ينفتح له طريق إلى الله تعالى ، فإنّ هذا النّظم والإنتِظام والدّقة في الخلقة ، لا يمكن أن ينشأ ، إلّا بتدبير عالم قادر مبدىء معيد.
٢ ـ ويمكن أن يكون هذا الحديث ، إشارةً إلى بُرهان : «الوجود والإمكان» ، فعند ما ينظر الإنسان ويُدقّق في تفاصيل وُجوده ونشأته ، يرى أنّه وجودٌ مستقلٌ ، من عِلمه وقُدرته وذَكائه وسَلامته ، فكلّها تحتاج إلى وجوده سُبحانه ، ومن دونه ، فَهو لا شيء وسينتهي وجوده ، وفي الحقيقة هو كالمعاني الحرفيّة ، التي بدون المعاني الإسميّة ، لن يكتمل لها معنى ، كجملة : «ذهبتُ إلى المسجد» ، فكلمة «إلى» ، وحدها لا مفهوم لها إطلاقاً ، من دون إرتكازها على كلمتي : «ذهبت» و «المسجد» ، وكذلك الحال في وجودنا بالنّسبة إلى الله تعالى ، فكلّ شخصٍ يحسّ في نفسه هذا الإحساس ، سيعرف ربّه من موقع الإعتماد والإيمان أكثر ، لأنّ وجود الممكن محال ، بدون وجود الواجب.
__________________
١ ـ غُرر الحِكم ، ص ٧٩٤٦.
٢ ـ الميزان ، ج ٦ ، ص ٤٦٩ ، في البحث الرّوائي ، ذيل الآية ١٠٥ ، من سورة المائدة.