البشريّة ، ناشئة من هذه الرّذائل الأخلاقيّة ، وستزول وتقلع جذورها بذكر الله ، الذي يعمل على تسكين روح الإنسان ، وتجفيف مصادر القلق هذه ، لِتحل محلّها السّكينة والهدوء النّفسي (١).
وأخيراً تناولت «الآية السّابعة» ، دور الصّلاة والصّيام في رفع المعنويات ، وتقوية عناصر الخير في وجدان الإنسان : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
وقد فسّرت بعض الرّوايات الإسلاميّة الصّبر بالصيام (٢) ، من حيث كون الصّوم أحد المَصاديق البارزة لِلصبر ، وإلّا فالصّبر له مفهومٌ وسيعٌ يشمل كلّ أنواع المُقاومة ، والتّحدي لِلأهواء النّفسانية والوساوس الشيطانية ، في طريق طاعة الله تعالى ، وكذلك تَستوعب الآية حالة الصّبر على المصائب والمحن ، التي تصيب الإنسان في حركة الواقع.
وقد وَرد في حديثٍ عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه كلّما أهمّه شيءٌ إندفع مُسرعاً نحو الصّلاة ، وبعدها يتلو هذه الآية ثلاث مرّاتٍ : «كانَ عَليٌّ عليهالسلام إذا أَحالَهُ أَمْرٌ فَزِعٌ قامَ إِلى الصَّلاةِ ثُمَّ تَلا هذِهِ الآيةَ : (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)» (٣).
نعم فإنّ العبادة ترسخ في النّفس محاسنها ، وتصقلها وتعمل على تفعيل عناصر الخير فيها ، من : التّوكّل والشّهامة والصّبر والإستقامة ، وتستأصل الرّذائل الأخلاقيّة من قَبيل : الجُبن والشّك والإضطراب والتّوتر النّاشيء من حالات الصّراع ، وحبّ الدنيا وتزيحها عن واقع النّفس ، وبهذا تحيي العبادة في واقع النّفس ، شطراً مُهمّاً من الفضائل الأخلاقية ، وكذلك تقوم بإلغاء الكثير من عناصر الشّر ، وقوى الإنحراف والرّذيلة من وجود الإنسان.
__________________
١ ـ للتفصيل يرجى مراجعة التفسير الأمثل ، ذيل الآية الآية الشريفة المبحوثة.
٢ ـ مجمع البيان ، ج ١ ، ذيل الآية ٤٥ من سورة البقرة ، التي تشابه الآية التي نحن في صددها ، وتفسير البرهان ، ج ١ ، ص ١٦٦ ، ذيل ١٥٣ ، سورة البقرة ، ففي حديثٍ عن الصّادق عليهالسلام ، قال في الآية «الصّبرُ هُو الصّوم» : بحار الأنوار ، ج ٩٣ ، ص ٢٩٤.
٣ ـ اصول الكافي ، (طبقاً لنقل الميزان ، ج ١ ، ص ١٥٤).