٩ ـ (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ)(١).
١٠ ـ (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ)(٢).
تفسير وإستنتاج :
«الآية الاولى» : تطرّقت للحديث عن دور ذكر الله تعالى ، في خلق حالة الطّمأنينة في القلوب ؛ لِتتولّى إنقاذ الإنسان من حالات الزلّل والتّوتر ، وتوجهه فيها إلى تحقيق الفضائل الأخلاقية في واقع النّفس ، فيقول تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ).
ثمّ يبيّن قاعدةً كليّةً ، تقول : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
فما يجول في خاطر الإنسان وخُلدِه ، من الحُزن من المستقبل والتّفكير بالرّزق ، والموت والحياة والمرض وما شابهها من امور الدنيا ، كلّها تدفع الإنسان للتّفكير الجاد في مصيره ، وتسلب منه الرّاحة النّفسية ، وتَورثه القلق الحقيقي نحو المستقبل المجهول.
وكذلك عناصر : البخل والطّمع ، والحرص ، هي أيضاً من الامور التي تزرع القلق والتّوتر في نفس الإنسان ، ولكن عند ما يتجسّد ذِكر الله الكريم ، الغني القوي ، الرّحمن الرّحيم ، الرزّاق في وعي الإنسان ، ويعيش الإيمان بأنّ الله تعالى ، هو الواهب والمانع الحقيقي ، فعند ما تَتَجسّد هذه المعاني والمفاهيم ، وتتفاعل مع بعضها في واقع الإنسان في حركة الحياة ، فسوف يعيش الإطمئنان ، والسّكينة أمام تحدّيات الواقع ، فكلّ شيءٍ يراه مسيّراً لقدرة الله تعالى وإرادته المطلقة ، وما شاء كانَ وما لَمْ يَشأ لم يكن.
وبهذا سيطمئن الإنسان ، ويسلّم أمره إلى بارئِه ، وستزرع في نفسه حالة التّقوى وحبّ الفضائل ، وهو ما نَقرأه في الآية الشّريفة :
(يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبادِي* وَادْخُلِي جَنَّتِي)(٣).
__________________
١ ـ سورة المائدة ، الآية ٩١.
٢ ـ سورة النّور ، الآية ٣٧.
٣ ـ سورة الفجر ، الآية ٢٧ إلى ٣٠.