إلى أنّ الإنسان يقترب من ذلك المصدر في كلّ يومٍ ، وبالتّالي يتحرك في طريق الإبتعاد عن الرّذائل الأخلاقيّة والأهواء النّفسانية ، التي تنبع من النّقص المعنوي في واقع النّفس.
وبناءً على ذلك يجب الإستعانة بهذا السّلاح الماضي ، والنّور المخترق لِلظلمات ، لِلعبور من متاهات هذا الطّريق الموحش المُظلم ، المحفوف بالأخطار الجسيمة ، إلى جادّة السّلام ، والكمال الإلهي في عالم النّفس ، ممّا يورث إستقرارها وإتّصالها ببارئها.
ونُكمِّل بحثنا بثلاثِ نقاطٍ ، وملاحظاتٍ ، لا تخلو من فائدة :
١ ـ ما هي حقيقة الذِّكر
يقول «الرّاغب» في كتاب «المُفردات» : إنّ الذِّكر له مَعنيان ، فمرّةً حضور الشّيء في الذّهن ، ومرّةً بمعنى حفظِ المَعارف والإعتقادات الحقّة في باطن الرّوح.
وقال الأعاظم من علماء الأخلاق : إنّ «ذكرَ الله تعالى» ، ليس هو لِقَلقَةِ لِسانٍ ، أو مجرّد التّسبيح والتّحميد والتّهليل والتّكبير ، في دائرة الألفاظ والكلمات ، بل هو التّوجه الحقيقي للهِ تعالى ، والإذعان لِقُدرته والإحساس بوجوده أينَما كُنّا.
ولا شكّ أنّ مِثلَ هذا الذّكر هو المطلوب ، وهو الغاية القصوى والدّافع للإتجاه نحو الحسنات ، والإعراض عن السّيئات والقَبائح.
ولذلك نقرأ عن الرّسول الكريم صلىاللهعليهوآله في حديثٍ في هذا المضمار :
«وَلَيْسَ هُوَ سُبحانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلّا اللهِ وَاللهُ أَكْبرُ ، وَلَكِنْ إِذا وَرَدَ عَلى ما يَحْرُمُ عَلَيهِ ، خافَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ وَتَرَكَهُ» (١).
ونقل ما يقرب لهذا المعنى في حديث عن الإمامين : الصّادق والباقر عليهماالسلام (٢).
ونقل حديث آخر عن علي عليهالسلام ، أنّه قال : «الذِّكْرُ ذِكْرانِ : ذِكْرٌ عِنْدَ المُصِيبَةِ ، حَسَنْ جَمِيلٌ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ اللهِ عِنْدَ ما حَرَّمَ اللهُ عَلَيكَ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ حاجِزاً» (٣).
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٩٠ ، ص ١٥١ ، ح ٤.
٢ ـ المصدر السّابق ، ح ٥ و ٦.
٣ ـ المصدر السّابق ، ج ٧٥ ، ص ٥٥.