فهذه التّعبيرات وغيرها ، تبيّن لنا دور وفعّاليّة مسألة التبرّي والتّولّي ، في جميع البرامج الدّينية والإلهيّة ، ودليل هذا الأمر واضحٌ جدّاً ، لأنّ الإنسان المؤمن ، عند ما يُحِبّ القُدوة الإلهيّةُ والإنسان الكامل ، لتقواه وإيمانه وفضائله الأخلاقية ، فإنّ ذلك من شأنه ، أن ينعكس على روحه وسُلوكه صفاتِ وسلوك هذه القدوة ، ويدفعه لِلتأسّي بها في أعماله وحركاته وسَكناته!
وهذا هو بالفعل ، ما يَصبو وَيدعو إليه علماء الأخلاق ، بإعتباره أصلاً أساسياً في تهذيب وتربية النّفوس ، وأنّ الإقتداء بالقُدوة الصّالحة ، من شأنه أن يكون شرطاً أساسياً ، لأن يسلك بالإنسان طريق الهداية والصّلاح ، في خطّ الإيمان والإنفتاح على الله تعالى.
ومن الأدلّة المهمّة ، التي أوردها القرآن الكريم ، وأكّد عليها رسوله الكريم صلىاللهعليهوآله ، هو التّذكير بأَنبياء الله تعالى وأفعالهم وتأريخهم وحياتهم ، والغَرض من ذلك كُلّه ، الإقتداء بهم وإتّباع سيرتهم.
جديرٌ بالذّكر ، أنّ كلّ إنسانٍ يحبُّ البطولات والأبطال ، ويحبُّ أن يَقتدي بأحد الأبطال ، ليجعله اسوةً وقدوةً في حياته في جميع أبعاده المختلفة.
عمليّة إنتخاب مثل هؤلاء الأبطال ، يؤثر على حياة الإنسان ، من موقع صياغة الشّخصية وكيفيّة السّلوك ، وعلى فرض حدوثِ تغيّرٍ في نظرة الإنسان نحو القُدوة ، فَستتغير حياتُه بالكامل ، تَبعاً لها.
والكثير من الأفراد أو الشعوب ، لمّا لم يُسعفهم الحظّ في إتخاذ القُدوة الصّالحة ، تَوسّلوا بأبطالٍ مزيّفين ، كَي يُعوّضوا النّقص الحاصل لديهم في هذا المجال ، وأدخلوهم في ثقافتهم وتأريخهم ، وألّفوا في سيرتهم الأساطير والحكايات ، والبطولات الخياليّة.
والبيئة والدّعاية السّليمة أو المغرضة ، لَها دورها في إختيار اولئك الأبطال ، فيُمكن أن يكونوا من رجال الدّين ، والسّياسة ، أو وجوهٌ رياضيّةٌ أو تمثيليّةٌ.
وهذا الميل البَشري لِلأبطال ، والقُدوات الإنسانية ، يمكن أن يوجّه بالصّورة الصّحيحة ، ويفعّل دوره في تربية الفضائل الأخلاقيّة والسّلوكيات الحسنة ، في الحياة الفرديّة والإجتماعيّة.