وبناءً على ذلك ، فإنّ الآيات والرّوايات أكّدت على هذه الضّرورة ، وهي مسألة التولّي والتّبرّي ، وإتّخاذ أولياء الله قدوةً واسوةً حسنةً ، وبدونها ستبقى برامج التّربية والتّهذيب ، ناقصةُ الُمحتوى والمُضمون.
قصّة موسى والخَضر عليهماالسلام :
إتّخاذُ المعلّم والدّليل ، في طريق السّير والسّلوك إلى الله تعالى ، من الأهميّة بمكانٍ ، بحيث أُمِرَ بَعض الأنبياء ، في بُرهةٍ من الزّمن ، للحُضورَ عند الاستاذ أو المُرشد.
ومن ذلك قصّة موسى عليهماالسلام والخضر ، المليئة بالمفاهيم والمضامين العميقة ، والتي وَردت في سَورة الكهف ، من القرآن المجيد.
فقد امِرَ موسى عليهالسلام ، لأجل إسترفاد بعض العلوم ، التي تحمل الجانب العملي والأخلاقي أكثر من الجانب النّظري ، أُمِرَ بالذّهاب إلى عالم زمانه ، لِيَستقي منه العِلم ، وقد عرّفه القرآن الكريم ، بأنّه : (عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً).
فشدّ موسى عليهالسلام ، الرّحال فعلاً مع أحد أصحابه ، متّجهاً نحو المكان الذي يتواجد فيه الخِضر عليهالسلام ، ومع غَضّ النّظر عَمّا صادفاه في الطّريق إليه ، وَصل مُوسى عليهالسلام إلى المكان الموعود ، فقال له الخِضر عليهالسلام ، : (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) ، ولكنّ موسى عليهالسلام وعده بالصّبر.
توالت الأحداث الثّلاثة ، واحدة بعد الاخرى ، المعروفة والواردة في القرآن الكريم : أولها خَرق السّفينة الّتي كانوا عليها ، فإعترض موسى عليهالسلام ، وذكّره بخَطر الغَرق لِلسفينة بِمن فيها ، فقال له الخِضر : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) فندم وإختار عليهالسلام السّكوت ، حتى يوضّح له ملابسات الأمر.
ولَم يَمض قليلاً ، حتى صادفوا صَبيّاً فقتله ، الخِضر عليهالسلام مباشرةً من دونِ توضيحٍ ودليلٍ ، فهذا الأمرُ المُريع أثارَ موسى عليهالسلام مرّةً اخرى ، ونسِيَ ما تَعهّد به ، وإعترض على استاذه بأشدّ من الّتي قَبلها ، فقال : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً).
ولِلمرّة الثّانية ، ذكّر الخِضر موسى عليهالسلام بالعهد الذي قطعه على نفسه ، وقال له : إذا تكرّر