إن الكثير من الامم لديها إمكاناتٌ ماديّةٌ كبيرةٌ ، ومعادن ومصادر للثروة تحت الأرض ، وكذلك لديها أنواع الصّناعات ، ولكن بسبب أعمالهم السيئة والتي لها علاقة مُباشرة بإنحطاطهم الأخلاقي ، فإنّ تلك المواهب والمنن الإلهيّة ، ستتعرض للإهتزاز وتفقد البركة في مضمونها الإجتماعي ، حيث تُستعمل تلك النعم الإلهيّة في الغالب ، لتعجيل فنائهم وزوال نعيمهم من موقع النقمة الإلهيّة.
وقد صرّح القرآن الكريم بذلك ، حيث قال في سورة التوبة في الآية (٨٥) : (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ)
نعم إنّ هذه النِّعم إذا إقترنت بفساد الأخلاق ، فستكون سبباً لعذاب الدنيا وخُسران السّعادة في الآخرة!.
وبعبارةٍ اخرَى ، إذا إقترنت هذه المواهب الإلهيّة ، بالإيمان والأخلاق والقيم الإنسانية ، فستجلب الرّفاه والسعادة والعمران للمجتمع البشرى ، وهذا هو الشّيء الذي تُشير إليه الآية الآنفة الذّكر.
وبالعكس فيما لو سلك الإنسان معها ، اسلوب البُخل والظُّلم والإستبداد ، وسوء الخُلق وإتّباع الأهواء ، فستكون من وسائل الإنحطاط والفساد والإنحراف!.
«الآية الثانية» : تتحرك في إطار بيان طريقةٍ مُهمّةٍ ومُؤثرةٍ جداً لدفع العداوات والضّغائن ، وتوضّح أيضاً دور الأخلاق في إزالتها : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
ويضيف قائلاً : إنّ هذا الأمر ، أي سِعة الصّدر ، أمرٌ لا يقدر عليه كلّ أحد ، بل يختصّ بها من اوتي حظّاً عظيماً من الإيمان والتّقوى ، فيقول : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
إنّ إحدى المشاكل الكبيرة للمجتمعات البشريّة ، هي تراكم الحقد والكراهيّة في النفوس ، وفي حال وصولها الذّروة ، فإنّ من شأنها أن تفضي إلى إشعال نيران الحروب ، التي تحرق معها