كلّ شيء وتحوله إلى رماد.
ومع تحرك الإنسان من موقع : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، فستذوب الأحقاد والكراهيّة كالثّلج في الصّيف ، وستتخلص المجتمعات البشريّة من خطر الحروب ، وتقلّ الجنايات ، وتنفتح البشريّة على أجواء المحبّة والتعاون والتّكامل الإجتماعي.
وكما يقول القرآن الكريم ، : إنّ هذا المستوى الأخلاقي لا يصدر من كائن من يكن ، حيث يتطلب قوّة الإيمان والتّقوى والتربية الأخلاقيّة.
ومن الطبيعي أنّ الخُشونة إذا ما قابلتها الخُشونة ، والسّيئة دُفعت بالسّيئة ، فستطّرد هذه السّلبيات وتتوسع يوماً بعد يوم ، وبالتّالي ستجر الويلات والمآسي على المجتمع البشري.
ومن البديهي أنّ : (مسألة (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) ، لها شروطٌ وحدودٌ وإستثناءاتٌ ، سنشرحها بالتّفصيل في المستقبل إن شاء الله.
«الآية الثالثة» : تحدثت عن تأثير حُسن الخُلق في جلب وجذب الناس ، وبيّنت أنّ المدير المتخلق بالأخلاق الإلهيّة إلى أيّ حدّ يكون موفقاً في عمله ، وكيف يجمع القلوب المُتنافرة ويوحِّدها التوحيد الذي يصعد بها إلى الرّقي والكمال الإجتماعي :
(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
ففي هذه الآية ، نرى التّأثير العميق لحسن الأخلاق في تقدّم أمر الإدارة ، وجلب وجذب القلوب ووحدة الصّفوف ، والنّجاح على مُستوى التّفاعل الإجتماعي لأفراد المجتمع ؛ فأثر حسن الأخلاق لا يتحدّد بحدود البُعد الإلهي والمعنوي فقط ، بل له آثاره الوسيعة في حياة الإنسان الماديّة.
والأوامر الثّلاثة التي جاءت في ذيل الآية ، يعني مسألة : «العَفو عن الخَطأ» و «طلب المغفرةِ من الباري تعالى» و «المشورة في الامور» ، هي أيضاً تصبّ في دائرة تفعيل عناصر الأخلاق في النّفس ، لأنّ تلك الأخلاق النّابعة من الرّحمة والتّواضع ، تكون سبباً للعفو و