الإستغفار وتصحيح الأخطاء السّابقة ، وإحترام شخصيّة ووجود الإنسان أيضاً.
«الآية الرابعة» : تبيّن الآثار السّلبية لبعض الأخلاق السيئة ، حيث يقف في مقابل الأنبياء الإلهيين ، جماعة من المترفين ، وهم المُنعّمين الذين ملأ الكبَر والأنانيّة أنفسهم ووجودهم : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).
وبعدها يعقّب قائلاً : أنّ الغُرور وصل بهم إلى درجةٍ كبيرةٍ ، فقالوا : (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ).
فمثل هذه الأخلاق القبيحة ، تُعدّ سبباً في التّصدي للإصلاح الإجتماعي ، على مُستوى قتل رجال الحقّ ، وخنق أصوات طلّاب الحقيقة ، وبالتالي زرع بذور الفساد والظّلم والطغيان في المجتمعات ، وهنا يتّضح نموذج آخر من آثار الأخلاق السّيئة في المجتمعات البشريّة.
والعجيب في الأمر ، أنّ روحيّة الإستكبار النّاشئة من الرّفاه المادي وسبوغ النّعمة ، هي السّبب في التّورط في مُستنقع الخطيئة وإرتكاب أخطاء فاضحة جدّاً ، فإعتقدوا بأنّ وفور النّعمة وكثرتها ، هو دليل للقرب الإلهي ، وقالوا : لو لا قُربنا من الله تعالى لما آتانا تلك النّعم!؟. وبذلك أنكروا جميع القيم الأخلاقيّة والمعنويّة ، ولكنّ القرآن الكريم في الآية التاليّة يُفنّد منطقهم الواهي ، ويجعل المعيار هو الإيمان والعمل الصّالح.
فلم يكن موقف المترفين المشركين من قُريش بالوحيد في عصرهم ، فهذا هو موقف جميع المترفين في الأقوام السّالفة مع الأنبياء والمصلحين.
«الآية الخامسة» : تنظر لوجهٍ آخر من المسألة ، وتبيّن قصّة «قارون» الغني المغرور والأناني وهو من بني إسرائيل.
فعند ما نصحه أهل العلم والمعرفة من قومه ، وقالوا له : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ