وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى).
ونعلم أنّ ذكر الله ومعرفة اسمائه وصفاته المقدسة ، هو منبع لكلّ الكمالات ، بل هو عَين الكمال ، فذِكره سبب لتربيه وترشيد الفضائل الأخلاقيّة في واقع الإنسان ، والصّعود به إلى آفاقٍ معنويّةٍ ساميةٍ ، في عالم التّخَلّق بالأسماء والصّفات الإلهيّة ، وهذا الخُلق هو مصدر الأعمال الصَّالحة ، وهو السّبب في الإنفتاح على الحياة السعيدة وتطهيرها ، وبالعكس ، فإنّ الإعراض عن ذكر الله تعالى ، يبعده عن مصدر النّور الإلهي ، ويقترب به من الخُلق الشّيطاني والجوّ الظّلماني ، ممّا يؤدي بالإنسان إلى أن يعيش ضنك العيش ، وينحدر في مُنزلق النّهاية المأساويّة في حركة الحياة ، وهذه هي آيةٌ اخرى تبيّن بصراحةٍ ، علاقة الإيمان والأخلاق مع الحياة الفردية والإجتماعية للبشر.
وقد فسّر بعض أرباب اللّغة ، كلمة «معيشةٍ ضنكا» : بالحياة والمعيشة التي يتكسّب فيها من الحرام ، لأنّ مثل هذه المعيشة ، هي سبب القَلق والإضطراب الرّوحي في كثير من الامور.
وعلى حدّ تعبير بعض المفسّرين : إنّ الأفراد غير المؤمنين ، يغلب عليهم الحِرص الشّديد في امور الدنيا ، وعندهم عطشٌ مادي لا ينفذ ، وخوف من زوال النّعمة ، ولأجل ذلك يغلب عليهم البخل ، والصّفات الذّميمة الاخرى التي تضعهم في نارٍ محرقةٍ من الآلام الروحيّة والضّغوط النفسية ، (بالرغم من توفر الإمكانات الماديّة الكثيرة عندهم).
وعند ما يعيشون العمى في الآخرة ؛ فإنّما هو بسبب العمى في هذه الدنيا عن السير في طريق الحقّ والسّعادة ، وغرقهم في ظلمات الشّهوات الماديّة.
وسنشرح في نهاية هذا القسم هذه المسألة شرحاً وافياً.
«الآية العاشرة» : تتطرق لأحد الآثار السّيئة للعداوة والنّزاع ، الموجب لتدمير عُرى الوحدة ومُصادرة القوّة والقدرة ، فتقول : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
ومن البديهي أنّ المنازعات والإختلافات في حركة الواقع الإجتماعي ، إنّما هي من إفرازات الأخلاق الرّذيلة المنحطّة الكامنة في أعماق النّفس البشريّة مثل : الأنانيّة ، التكبّر ،