الحرص ، الحقد ، الحسد ، وأمثال ذلك من عناصر الشرّ والانحراف ، ويترتب على ذلك توكيد عناصر الفشل والإنحطاط ، وزوال عناصر العزّة والقوّة من واقع المجتمع البشري.
والجدير بالذّكر ، أنّ القُرآن عبّر هنا ب : (تَذْهَبَ رِيحُكُمْ).
«الريح» في الأصل بمعنى «الهواء» ، وهي كناية عن : «القدرة والقوّة والغلبة» ، ويمكن إستيحاء هذا المعنى من أنّ الرّيح عند ما تُحرّك رايات القبيلة ؛ فانّه يُعدّ مظهراً للقوّة والغَلبة ، وعليه يكون مفهوم الجُملة ؛ أنّ الإختلاف هو سبب زوال قوّتكم وعظمتكم وقدرتكم.
أو أنّ المفهوم مقتبس من هبوب الرّياح الموافقة ، والتي هي سبب في سرعة حركة السّفن للوصول إلى المكان المقصود ، ومع إنعدامها تتوقف الحركة.
ويقول صاحب «التّحقيق» : يُوجد علاقة بين الرّوح والرّيح ، فالرّوح ما يحدث في ما وراء الطّبيعة ، والرّيح بمعنى الحدوث في الطّبيعة.
وجاءت كلمة «ريح» في بعض الموارد ، بمعنى العَطر الجميل ، مثل : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ)(١).
وعلى هذا يمكن القول أنّ معنى الجملة هو : أنّ الإتحاد يفضي إلى إنتشار نفوذكم ورائحتكم في العالم ، وإذا ما إختلفتم ، فستفقدون نُفوذكم في العالم.
وعلى أيّة حال فأيّاً كان السّبب في الإختلاف ، سواء كان : (الأنانيّة ، الإنتفاعيّة ، الحسد ، البخل ، والحقد وغيرها) ، فسيكون له الأثر السّلبي في الحياة الإجتماعيّة وتخلّفها ، ومن هنا تتجلى علاقة المسائل الأخلاقية بالمسائل الإجتماعية في حركة الواقع الإجتماعي للبشر.
النتيجة :
نستوحي من الآيات الآنفة الذّكر ، أنّ الخُلق السّامي الإنساني ، لا يقتصر تأثيره على السّلوك المعنوي والاخروي للإنسان فحسب ، بل له الأثر الكبير في الحياة الماديّة والدنيويّة
__________________
١ ـ سورة يوسف ، الآية ٩٤.