الحسنة من القبيحة.
المؤيدون : «للحُسن والقُبحِ العقليين» ، رغم أنّهم يتكلّمون دائماً عن العقل ، ولكن ومن الواضح أنّهم يقصَدون العقل الوجداني ، لا العقل الإستدلالي ، فهم يقولون إنّ حُسن الإحسان ، وقبح الظّلم في الدائرة الأخلاقيّة لا يحتاج فيهما إلى دليل وبرهان ، فالإنسان السّليم النّفس يعيش هذه المفاهيم الأخلاقية ، من موقع الوضوح في الرؤيّة والبداهة ، وعلى هذا فإنّهم يقولون بالأصالة للوجدان في دائرة الأخلاق.
ولكن الكثير منهم لا ينكرون سكوت الوجدان عن بعض الامور ، وعدم إدراكه لها ، وهنا يجب الإستعانة بالشّريعة والوحي لفصل الامور الأخلاقية عن غيرها ، وبالإضافة إلى ذلك ، إذا ورد تأييد من الشّرع لما حكم به العقل ، فإنّ ذلك سيكون عاملاً مهماً في ترسيخ هذه المفاهيم في عالم الوجدان ، وترجمتها على مستوى الممارسة والعمل.
النّتيجة :
بعد الإشارة إلى أهمّ المذاهب الأخلاقية في هذا الفصل ، تتبيّن خصوصيات المذهب الأخلاقي للإسلام بصورةٍ كاملةٍ ، حيث يرى أنّ :
(أساس هذا المذهب الأخلاقي ، هو الإيمان بربوبيّة الله تعالى ، الذي هو الكمال المطلق ومُطلق الكمال وأوامره ساريةٌ وجاريةٌ على جميع العالم ، وكمال الإنسان في تطبيق صفاته الجلالية والجماليّة ، والقرب من الله تعالى أكثر فأكثر).
وهذا لا يعني أنّه لا أثر للصفات الأخلاقية في إنقاذ الإنسان والمجتمع البشري ، من عناصر الشّر وقوى الإنحراف ، ولكن وفي نظرةٍ إسلاميّةٍ عالميّةٍ صحيحةٍ ، أنّ العالم عبارةٌ عن وحدةٍ متماسكةٍ ، وأنّ واجب الوجود هو قُطب هذه الدائرة ، وما عداه مُتّصل به ومُعتمد عليه ، وفي الوقت نفسه هناك علاقة وإنسجام تام بين المخلوقات ، فكلّ شيء يساعد على إصلاح المجتمع البشري وتطهيره من البؤر وأشكال الخلل الأخلاقي ، فسيكون عاملاً مؤثراً في