سؤال :
وهنا سؤال يفرض نفسه وهو : إنّ النسبيّة في الأخلاق قد تكون مقبولةً في بعض الموارد في الشّرائع السّماويّة ، (وخُصوصاً الإسلام) ؛ فمثلاً يعتبر الكذب ضد القيم والمُثل وعملاً غير أخلاقي ، لكنّ الكذب لغرض الإصلاح بين الناس أو في مقام المشورة ، يعتبر عملاً أخلاقيّاً ، وهذه المسألة ليست بقليلة الموارد في التعاليم الإسلامية ، فيعتبر هذا نوعاً من قبول النسبيّة للأخلاق.
الجواب :
إنّ نسبيّة الأخلاق والحُسن والقُبح مطلبٌ ، والإستثناء مطلب آخر.
وبعبارةٍ اخرَى : لا يوجد أصل ثابت في النسبيّة ، فالكذب لا هو حسن ولا هو قبيح ، وكذلك العدل والإحسان أو الظّلم والطّغيان ، فحُسنها وقُبحها لا يتبيّن للإنسان إلّا إذا قبلتها الأكثريّة من موقع القيم أو رفضتها كذلك.
ولكن في الإسلام والتعاليم السّماوية ، فالكذب والظّلم والبخل والحسد والحقد ، كلّها تعتبر ضد القيم والمُثل ، سواء قبلتها أكثريّة الناس أم لا ، وبالعكس ، فالإحسان والعدالة والصّدق والأمانة ، قيم ومُثل رفيعةٌ سواء قبلها المجتمع ، أم لا.
فهذا هو الأصل الكلّي للمسألة ، ولا مانع من وجود الإستثناء له ، فالأصل كما هو واضحٌ من إسمه أساس وجذر الشيء ، والإستثناء بمنزلة بعض الفروع والأوراق الزّائدة ، ووجود بعض الإستثناءات في كلّ قاعدةٍ لا يمكن أن يكون دليلاً على نسبيّتها ، فإذا تجلّى لنا هذا الفرق بين هذين الإثنين ، أمكننا تجنّب الوقوع في كثير من الأخطاء.
ويجب الإلتفات أيضاً الى أنّ الموضوعات يمكن أن تتغيّر بمرور الزّمان أيضاً ، فالأحكام التابعة للموضوعات تتغيّر أيضاً ، وهذا الأمر لا يمكن أن يُعتبر دليلاً على النسبيّة.
بيان ذلك : إنّ لكلّ حكمٍ موضوعه الخاص ؛ العدوان على الآخرين يعتبر جنايةً قابلةً للقصاص والتّعقيب ، ولكن يمكن أن يتغيّر الموضوع ، في يد الطّبيب والجرّاح الذي يمسك