البنك بالنّفع الكبير ، ولكن يمكن أن يتحول إلى خائن ، بمجرد أن يضع قدمه خارج المصرف ، لّانّ فائدته ستكون في الخيانة حينها.
وقد نرى تاجراً ، يحرص أن يكون في منتهى الأدب واللّطف واللّياقة مع زبائنه ، لأجل كسب المزيد منهم ، ولكنّه مع عائلته وأولاده ، يكون في منتهى الفضاضة ، لا لشيء إلّا لأنّ الأخلاق الحسنة مَحلُّها في محلّ عمله ، وستعود عليه بالنّفع المادي الأكثر.
فمثل هذه الأخلاق لا دعامة لها ، إلّا النّفع والإستغلال ، وأهمّ عيبٍ في المسألة ، هو أنّه لا يعير للأخلاق أهميّةً ولا أصالةً ، لأنّه يستمر في إستغلاله ، سواءً كان عن طريق الأخلاق ، أم بعقيدته التي هي ضدّ الأخلاق.
وذهب البعض الآخر إلى صياغة حِكمةٍ معدّلةٍ لهذا النمّط من الأخلاق ، ونادوا بالأخلاق لا من أجل المصالح الشّخصيّة ، ولكن لتعود على مصلحة البشر جميعاً ، لإعتقادهم بأنّ الأسس الأخلاقيّة إذا تزلزلت في المجتمع ، فستتحول الحياة إلى جهنّم تحرق كلّ شيء ، وستتحول أدوات الإلفة والتعاون في المجتمع ، إلى حطبٍ يُبقي النار مشتعلةً ، في حركة الواقع الإجتماعي المضطرب.
هذا النّوع من التّفكير يعتبر أرقى من سابقه ، ولكنّ الأخلاق هنا مجرد وسيلةٍ لجلب النّفع والرّاحة والرّفاه ، ولا أساس للفضائل الأخلاقية فيها.
فالماديّون لا يمكنهم أن يتجنبوا مثل هذا النوع من التّفكير ، لأنّهم لا يعتقدون بالوَحي ولا نُبوّة الأنبياء ، وينزلون بالأخلاق من السّماء إلى الأرض ، ويجعلونها مُجرد وسيلةٍ للإنتفاع والرّاحة والاستغلال لا أكثر.
ولا شكَّ ولا ريب ، في أنّ الأخلاق لها مثل هذه المعطيات الماديّة الإيجابية ، في وعي الناس كما أشرنا سابقاً ، ولكن السّؤال هو : هل أنّ أسس ودعائم الأخلاق ، تنحصر في هذه المرتكزات الماديّة ، أو أنّ مثل هذه المرتكزات والمعطيات ، يجب أن تُدرس على أساس أنّها من المسائل الجانبيّة ، والمتفرّعة على علم الأخلاق؟.
وعلى أيّة حال ، فإنّ الإيمان بالأخلاق الّتي يكون أساسها النّفع والإستغلال ، يخدش