للأخلاق ، ونقل كلاماً عن «كوستاف لوبون» ، في كتابه المعروف (حضارة الإسلام والعرب) ، ورأينا أن ننقله هنا إكمالاً للفائدة.
فقد ذكر هذا الكاتب الغربي ، في معرض حديثه عن الشّعوب الشرقيّة ، وأنّهم لماذا وقفوا من الحضارة الغربيّة موقفاً سلبيّاً؟ فعللّ ذلك بالقول :
(أولاً : لعدم القابليّة لديهم لإستقبال هذه الثّقافة ، وثانياً : إنّ حياتهم ومعيشتهم تختلف عن حياتنا ومعيشتنا ، فحياتهم بسيطةُ وساذجةٌ ، بخلاف ما نحن عليه من التّعقيد الحضاري في واقع الحياة ، ثم يردف قائلاً : ولا يخفى مدى الظّلم الذي إرتكبته الشّعوب الغربّية في حقهم. (وهو عامل مهم آخر).
وبعدها أشار إلى الظّلم الذي إرتكبه الغربيّون ، في أمريكا والهند والصّين ، وخصوصاً كان يؤكد على قصّة الحرب المعروفة ، ب : (حرب التّرياك) ، التي شنّها الإنجليز على شعب الصيّن ، لأجل السّيطرة عليهم ، فنشروا إستعمال التّرياك بين الشعب ، لأجل التّسلط عليهم ، وليميتوا فيهم روح المقاومة ، ويكسروا شوكتهم ، ولكنّ الصّينيين توجهّوا للخدعة ، وتحرّكوا للتّصدي للإنجليز ، الذين صوّبوا مدافعهم ، وانتصروا عليهم بقوّة السّلاح الفتّاك ، وإنتشر بين الأهالي إستعمال التّرياك ، بحيث جاءت الإحصائيات : (في ذلك الزمان) ، أنه في كل سنةٍ يموت حوالي ال (٦٠٠) ألف نفر ، جرّاء إستعمالهم للتّرياك. (١)
نعم فعند ما لا تقوم الأخلاق على قاعدةٍ متماسكةٍ ، من الإيمان والقيم المعنويّة في واقع الإنسان ، فسوف تأخذ بالذّبول والتّراجع ، لصالح المنافع الشّخصيّة والنّوازع الدنيويّة العاجلة.
ملاحظة :
ما ذكرناه آنفاً حول دعامة الأخلاق ، من وجهة نظر الإيمان بالمبدأ والمعاد ، لا يعني إنكار الدّور الفعّال ، ل : «العقل الفطري» في تعميق المسائل الأخلاقيّة ، فالضّمير والوجدان في الحقيقة ، هو رسول الله في أعماق البشر ، ومن جهةٍ اخرى له الأثر الكبير في تحكيم المباني الأخلاقيّة ، بشرط أن يصاحبها عنصر الإيمان ، وتتخلص من حجب الأنانيّة وهوى النّفس.
__________________
١ ـ فلسفة الأخلاق ، ص ٢٨٣ بتضرّف.