العقلائيّة ، أي مزجها مع الحكمة ، فسيحقّق عندها حالة «العدالة».
وعليه ، فإنّ هذه الفئة من علماء الإسلام ، جعلوا كلّ الفضائل والصّفات الإنسانيّة البارزة ، تحت أحد هذه الاصول ، وبإعتقادهم أنّه لا توجد فضيلة ، إلّا وتندرج تحت أحد هذه العناوين الأربعة ، وبالعكس فإنّ الرذائل دائماً ، تأخذ طريق الإفراط والتّفريط لهذه الفضائل الأربعة.
ومن أراد التّفصيل والاطّلاع على هذا المذهب الأخلاقي ؛ فليراجع كتاب : «إحياء العلوم» وكتاب «المحجّة البيضاء» (١).
نقد وتحليل :
إنّ التّقسيم الرّباعي المذكور ، ليس وكما يبدو أنّه شيء مُبتكر من قبل حكماء الإسلام ، بل هو نتيجة تحليلات علماء إلاسلام لكلمات حكماء اليونان ، وإسترفادهم من نظرياتهم وآرائهم بعد تنقيحها ، رغم وجود إشارات لها في مصادرنا الروائيّة ، كما جاء في الرواية المرسلة المنسوبة للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، حيث قال :
«الفَضائِلُ الأربَعَة أَجناسٍ : أحَدُهُما : الحِكْمَةُ وَقِوامُها فِي الفِكرَةِ ، والثَّانِي : العِفَّةُ وَقِوامُها في الشَّهوَةِ ، وَالثَّالِثُ : القُوَّةُ وَقِوامُها فِي الغَضَبِ ، وَالرّابِعُ : العَدلُ وَقِوامُهُ في إِعتِدالِ قُوى النَّفسِ» (٢).
فكما ترون ، أنّ هذا الحديث لا يوافق بصورةٍ كاملةٍ ، تلك التّقسيمات الأربعة التي ذكرها علماء الأخلاق ، بل هو قريبٌ منها ، وكما أشرنا سابقاً أنّ الحديث مُرسلٌ وسندُه لا يخلو من إشكال.
وعلى كلّ حال فإنّ هذه الاطروحة ، الّتي ذكرها علماء الأخلاق ، أو حُكماء الإغريق
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء ، ج ٥ ، ص ٩٦ و ٩٧.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ٨١ ، ح ٨٦.