واليونان ، ترد عليها هذه المآخذ :
١ ـ بعض الملكات الأخلاقية ، «والّتي هي جزءٌ من الفضائل الأخلاقيّة قطعاً» ، نلاقي صُعوبةً في إدخالها تحت أحد هذه الاصول الأربعة ، فمثلاً (حُسن الظّن) ، يُعتبر من الفضائل ، ويقابله (سُوء الظن) ، فإذا أردنا إدخاله تحت أحد هذه الاصول ، فيجب أن ينضوي في دائرة الحكمة ، والحال أنّنا لا يمكننا أن نجعله من فروع الحكمة ، لأنّ حُسن الظّن شيءٌ آخر غير التّشخيص الصّحيح للواقعيات ، ورُبّما ينفصل عنه بوضوح ، بمعنى أنّ القرائن الظنيّة تشير إلى صدور الذّنب والخطأ من شخصٍ ما ، لكن وبحسن الظنّ يتجاوز عنها.
وكذلك الصّبر على النوائب ، والشكر على النّعمة ، فهو بلا شك يعتبر من الفضائل ، لكنّنا لا نستطيع أن نجعله في دائرة قوّة التّشخيص والإدراك ، ولا في مسألة جلب المنافع ولا دفع المضار ، خُصوصاً إذا كان الشّخص الصّابر والشّاكر ، لا يرتجي منها نفعاً مستقبلياً ، وتمسّكه بها إنّما كان لقيمتها الذاتيّة ، (أي : الصّبر والشّكر).
وقد يوجد غير قليل من أمثال هذه الفضائل ، التي لا يمكن أن نجعلها وندرجها تحت أحد هذه العناويين.
٢ ـ «الحكمة» تعتبر من اصول الفضائل الأخلاقيّة ، والإفراط والتّفريط فيها تُعتبر من الرّذائل الأخلاقيّة ، والحال أنّ الحكمة ترجع إلى تشخيص الحقائق والوقائع ، وتعود الأخلاق للعواطف والغرائز والملكات النفسيّة ، ولا تعود لإدراكات العقل ، وعليه لا يُقال إنّ الُمتفتح الذّهن هو حسن الأخلاق ، فالأخلاق يمكن أن تكون وسيلةً وأداةً للعقل ، ولا تُعتبر قوّة العقل والإدراك من الأخلاق ، أو بعبارةٍ اخرى : أنّ العقل وقوّة الإدراك هي الموجّهة لعواطف وغرائز الإنسان ، في حركة الحياة والسّلوك ، وتعطيها شكلها الأَوفق ، والأخلاق هي كيفيّةٌ تعرض على الغرائز والميول الإنسانيّة.
٣ ـ الإصرارُ على أنّ الفضائل الأخلاقيّة دائماً ، هو الحدّ الأوسط بين الإفراط والتّفريط : لا يبدو سليماً ، وإن كان في الأغلب هو كذلك ، لأنّنا نجد موارد لا يتحقّق فيها الإفراط ، فمثلاً القُوّة العقليّة ، كلّما كانت أقوى كانت أفضل ، ولا يُتصوّر فيها إفراط ، فليس من الصحيح جعل