والشاهد على ذلك هو قول أمير المؤمنين عليهالسلام «الْحَسُودُ لَا يَسُودُ» (١).
السادس : هو أنّ الحسد يؤدي إلى تلوث صاحبه بأنواع الذنوب الاخرى ، لأن الحسود ولغرض الوصول إلى مقصده وهدفه أي إزالة النعمة عن الآخرين يستخدم كلّ الوسائل ويرتكب أنواع الظلم والعدوان من الغيبة والتهمة والكذب والنميمة وغيرها لتسقيط الطرف الآخر ، وبذلك يفتح الحسد له أبواب السلوكيات الخاطئة والتحرّك في خط الظلم والباطل.
وهنا يوجد شاهد آخر على هذا الكلام وهو ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام «الْحَسُودُ كَثِيرُ الحَسَرَاتِ ، وَمُتَضَاعَفُ السَيِّئَاتِ» (٢).
السابع : إن من شقاء الحسود انه يضر بنفسه أكثر ممّا يضر الطرف الآخر لأنّه يعيش حالة من العذاب النفسي والروحي في حياته الدنيا بغض النظر عمّا يترتب على ذلك من العذاب الأخروي يوم القيامة.
وقد أشارت الأحاديث الإسلامية إلى هذه الحقيقة ، فعن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «الْحَاسِدُ مُضِرٌّ بِنَفْسِهِ قَبْلَ انْ يَضُرَّ بِالْمحْسُودِ ، كَابْلِيسِ اورِثَ بِحَسَدِهِ بِنَفْسِهِ اللَّعْنَةُ ، وَلِآدَمَ الْاجْتِبَاءُ وَالْهُدَى» (٣).
٥ ـ مراتب الحسد :
لقد ذكر علماء الأخلاق للحسد مراتب ومراحل مختلفة ، ومن ذلك أنّ الحسد يمرّ بمرحلتين متميّزتين تماماً :
١ ـ وجود الحسد في أعماق النفس بحيث يسيطر عليه الإنسان فلا يظهر في كلماته وأفعاله وسلوكياته.
٢ ـ وجود الحسد في أعماق النفس بحيث يخرج عن سيطرة الإنسان ويظهر في أقواله
__________________
١ ـ غرر الحكم ، ح ١٠١٧.
٢ ـ تصنيف غرر الحكم ، ص ٣٠١ ، شرح غرر الحكم ، ح ١٥٢٠
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٠ ، ص ٢٥٥.