في هذا الباب يكفي لبيان الأضرار الوخيمة والآفاق السلبية للغرور.
٢ ـ أسباب الغرور
ذكر بعض علماء الأخلاق أنّ الغرور من الصفات القبيحة الّتي يبتلي بها كلّ طائفة من الناس بشكل من الأشكال رغم تعدّد أسبابه ومراتبه ودرجاته.
فقد ذكروا أنّ أسباب الغرور والعجب كثيرة جدّاً ، وقسّموا المغرورين إلى طوائف مختلفة :
طائفة المغرورين بالعلم والمعرفة وهم الأشخاص الّذين يتملكهم الغرور عند ما يصلوا إلى مرتبة معيّنة من العلم ، فيتصورون أنّهم ملكوا الحقيقة فلا يرون سوى أفكارهم وعلومهم ولا يهتمون بأفكار الآخرين ولا يعتبرون لها قيمة ، وأحياناً يرون أنفسهم من المقربين عند الله تعالى ومن أهل النجاة قطعاً ، ولو انّ البعض واجههم بقليل من النقد فإنّهم سوف يجدون الألم يعتصر قلوبهم لأنهم يتوقعون من الجميع احترامهم وقبول كلامهم. وأحياناً يصيب الغرور بعض الأشخاص الضيقي الافق الّذين تعلّموا عدّة كلمات وقرءوا عدّة كتب وتصوّروا أنّهم فتحوا بلاد الصين وحلّوا المشكلات العويصة في العلم لمجرّد أنّهم قرأوا الكتاب الفلاني ، وهذا من أسوأ أنواع الغرور الّذي يجر العالم إلى منزلقات السقوط والانحطاط العلمي والاجتماعي.
ونقرأ في حديث شريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لابن مسعود : «يَا ابْنَ مَسْعُود! لَا تَغْتَرَّنَّ بِاللهِ وَلَا تَغْتَرَّنَّ بِصَلَاحِكَ وَعِلْمِكَ وَعَمَلِكَ وَبِرِّكَ وَعِبَادَتِكَ» (١).
فنرى في هذا الحديث الشريف إشارة لعوامل وأسباب اخرى للغرور منها : الأعمال الصالحة ، الإنفاق في سبيل الله ، العبادات ، والّتي يمثل كلّ واحدٍ منها عاملاً من عوامل الغرور.
وقد نرى بعض الأشخاص الصالحين الّذين عند ما يُوفّقون لأداء بعض العبادات أو
__________________
١ ـ مكارم الأخلاق ، ج ٢ ، ص ٣٥٠.